في علم النفس الادراكي هناك ظاهرة تحيز إدراكي تسمى Bandwagon effect وتعني حرفياً ظاهرة تأثير
عربة الموسيقى حيث يهرع الناس وراءها بمجرد رؤيتها تسير في الطريق ليصبحوا جزء من
الحفلة، وهي تعني اقتناع الشخص بظاهرة معينة بمجرد مشاهدة عدد كبير من الناس
يتبعونها وهي نوع من أنواع التفكير الجمعيّ.
ويبدو أن هذه الظاهرة تنطبق على الجماعات
كما الأفراد، ويزداد (أعتقد) أثرها عند الأمم التي تفتقد للقيادة الحكيمة والدول
النامية والعاطفية التي تفتقر للموارد العلمية والثقافة المجتمعية الواعية
والمسؤولة التي تفكر عادة بطريقة متزنة وتحليلية.
تجربة كورونا أظهرت لنا تخبط الكثير من
الأمم وتميز البعض، فالفرق واضح ممن تأثر بظاهرة عربة الموسيقى في اتخاذ القرارات
(وراهم وراهم)، إن أغلقوا أغلقنا وإن فتحوا فتحنا (طبعاً الطاووس ترامب (نعتذر من
الطاووس) ظاهرة مستجدة غير مفهومة زي كورونا المستجد) ، وبين دول مثل ألمانيا وكوريا
وتايلاند ونيوزيلاند وسنغافورة برهنت دور القيادة الفعالة والاستقلالية المهنية في
اتخاذ قراراتها بناء على معلوماتها الدقيقة الخاصة بها، وبالتالي واتخذت التدابير
الملائمة حسب إمكانياتها ولكل مرحلة. ربما الأهم من ذلك كله تناغم القرارات مع
ثقافة المجتمعات ووعيها والثقة المتبادلة بين الحكومة والشعب رغم اختلاف فلسفات
هذه الدول في القيادة.
ما تقدم لا يعني عدم الاستفادة من تجارب
الدول، لكن يجب أن تكون بشكل مدروس بحيث يتم توظيفها بما يتلاءم مع طبيعة الدولة وثقافة
المجتمع. ولا شك أن كل دولة لها أولوياتها ومراجعاتها بين تقديم الصحة على الاقتصاد
أو تقديم الاقتصاد على الصحة كما هو حاصل في هذه المرحلة على ما يبدو، لكن كل حسب
معطياته وتوقيتاته وأخلاقياته، وبالتالي "وراهم وراهم" بالتأكيد لن تكون
مجدية، فالحفلة ليست حفلتنا.
تعليقات
إرسال تعليق