وبعد سنوات طويلة من النضال الذي لم تطلق فيه رصاصة على الاحتلال بينما استمر التجبر والاستبداد بأهل البلد، قرر القائد المغوار والدكتاتور الغدار أن يخوض حرب تحرير هضبته والأرض المقدسة كلها حتى يرفرف العلمان عليها كما رفرفا على أرضه لسنوات، سنوات طويلة كرست دولته مواردها لبناء جيش عظيم استعداداً لذلك اليوم العظيم، اليوم الذي كان حلماً لأبيه وها هو اليوم على أعتاب تحقيق حلم أبيه "الخالد" لعله يخلد اسمه فيه. بدأت المعركة واستبشر أهل الارض المقدسة وفرحوا أنه لم يخيب ظنهم ليس كما شكك الكثير به وبأبيه، نعم لقد خاب ظنكم يا من تدعون الحرية وتعتقدون أن "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، فها هو حفيد الأيوبيين وقاهر الصليبين وأبو الكونفوشيين بعث (بضم الباء) من جديد. وحتى لا نخوض في تفاصيل المعركة الكبرى دعونا ننتقل بسرعة fast-forward كما يقول الإنجليز، إلى الدولة الجديدة التي تم تحريرها وترأسها الملك (ملك الغابة) وتم تطبيق نظام دولته الأولى التعسفي على تراب الأراضي المقدسة، حينها استيقظ أهلها على كابوس مريع، وترنح من أحبه وقدّسه وكأنهم سكارى وما هم بسكارى، وتجلت صور أقرانهم...
الصورة المرفقة ليست توضيحية بل حلم راودني وأنا في الصف الثامن عندما كنت ألعب في فريق المدرسة (لاعب احتياط) كمُعِد أو ما يسمى "رفّيع"، وكان ممنوع علينا نحن المعدون الصغار أن نشغل مكان العملاق "الكبيس" الذي يقوم بالهجوم من خلال السبايك (الضربة الساحقة). تاه الحلم وتحولنا إلى رياضات أخرى مثل كرة القدم وكرة السلة وتنس الطاولة والتنس الأرضي وغيرها من الألعاب، ومرت السنين وكبرنا ولكن ظل في بالي تخيل شعور "الكبيس"! وهل سيكون ولو بعد حين؟ وها قد حصل ونحن في سن الأربعين بفضل زيادة قليلة من السنتمترات خلال كل تلك السنوات وكثير من الإصرار والتدريب والجلسات، لتنسيق الحركات الدماغية والبدنية لضبط التناغم بينهما، لكن الأهم كان رعاية بذرة الفضول وتخيل الشعور وأنت تطير في الهواء تنتظر وصول الكرة في التوقيت المناسب وتفرد يدك لتصفع الكرة وتنزع من قلبك غل هموم الأسبوع وتترك هرمونات السعادة تتراقص طرباً مع حبات العرق وهي تقفز من جبينك وأنت تهبط إلى الأرض وأنت ترى الكرة تستقر على الأرض أو تسمع صوت ارتدادها بين الأيادي. أحياناً لا تسعفنا أجسامنا وربما مهاراتنا الذهنية والجسمي...