التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠١٦

وداعاً دكتور عبد الجواد

رحل عنا اليوم عالِم وإنسان دمث ووطني ، كان مثالاً لبلسم عربي ، يضمد الجروح بإشراقة وجهه الوردي ، وصل أعلى المراتب العلمية وكان من أوائل الباحثين في مجال تحلية المياه في الكويت ، لكنه كان متواضعاً وجميلاً ومرهف الحس والجسم ، ملأ رحيق طيبته وحنانه مكان العمل فكان ممره معطراً بالحب لا تمر من هناك إلا وترغب بالسلام عليه ، تجاوز السبعين وكأنها عنده عشرين ، فقد كان شعلة من النشاط يعمل وكأنه في بداية حياته المهنية ، لا يلتفت الى الأمور المادية بل يرى العمل عبادة ومرح وعلم وتعلم. غافل المرض تواضعه بحجة أنه تجاوز السبعين وعليه أن يرتاح ، لكنه دحره من أول مواجهة لكنها لم تكن بالضربة القاضية ، وعاد غضنفراً بجسد نحيل إلى معهد الأبحاث وكأن شيئاً لم يكن ، لم يقبل تهديد السرطان ووعيده بل ركله بكل احتقار متحدياً متمرداً متسلقاً لأعالي القمم ليعرّف لنا معنى علو الهمة عملياً وحرفياً. رحل اللاجئ الفلسطيني الفرنسي وقد جمع الأنساب الشرقية والغربية لكنه كان دوماً عربياً رغم متانة نخاعه الفلسطيني الذي كان يهتز خلف أحشائه كلما تذكر الوطن الأبدي الذي هجره وأهله مجبرين منذ سنين كما حال الملايين ،

وقفة مع القهوة

مع احترامي لبروفيسور سيزلر من هارفارد ونظريته في تزامن انتشار القهوة مع تغير طبيعة أعمال الناس من الريف والزراعة إلى الحضر والصناعة والحاجة إلى الكافيين، إلا أني أرى أن القهوة مشاعر وأحاسيس، تغازلك رائحتها منذ بدء تحميصها عند المطحنة، وتنتعش خلايا دماغك وأنت تفتح العلبة أو الكيس لتغرف ملعقة أواثنتين و تغليها "على رواق" على نار هادئة فتهدر أمواجها الصغيرة وتتسلق رائحتها لتصل إلى عنان عيونك لتستمتع بسحابها قبل أن تبدأ بصبها وترى سرابها ومن ثم يخفق قلبك سريعاً بمجرد أن تلامس شفتيك أول رشفة من شرابها، فتكتب و تفكر وتتأمل وأحيانا تبدع (ولو على قدك)، وما كتبت في الأعلى على عجالة إلا بعد أول رشفة أاو رشفتين،  ولن نلوم من لم يقع في غرامها لأن هناك دراسة من جامعة ادنبرة أشارت الى وجود عامل جيني في الموضوع أيضاً !

الإبصار بداية الإلهام

" أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ ۖ أَفَلَا يُبْصِرُونَ" الماء سر الحياة وروحها، إذا نزل من السماء اهتزت الأرض وربت ومنها ما يحتاج إلى ماء يساق ليذوب الجفاف ويكون سبباً في الإنبات لتأكل الدواب، دعوة إلى التأمل فيما يحيط بِنَا من آيات لنقرأ كتاب الطبيعة على بصيرة فالإبصار طريق للتأمل والتفكر وبداية الإلهام و بذور الإبداع، وإعمال النظر يعتبر من مكونات تطوير مهارات الابد اع، ليوناردو دافنشي كان يقضي ساعات ينظر إلى حركة الماء وغيرها من نواميس الطبيعة ثم يذهب ويخترع الاَلات ويبتكرالنظريات. وقد يمتد البصر وينسى أنه ينطلق من منصة معقدة فيها معجزات وأنظمة مبهرة وملهمة لكنها مهملة ربما بسبب قربها الشديد وشغلها "وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ"، لكن بديع السموات والأرض يحثنا على الإبداع وعمارة الأرض بما تجود به عقولنا وأبداننا فلا نتعبد في الآيات التي في السطور فقط بل في آيات السموات والارض وأنفسنا والآخرين فننتج الأفكار والمنتجات المفيدة للبشرية ولنا في ذلك ح

مرات لازم نهدي شوي (بالعامية)

مرات الواحد بسوى يهدي السرعة شوي و يطلع حوليه ، أو حتى يوقف و ينزل يقعدله تحت شجرة و ياكل ثمرة ، يراجع الخريطة و يروح البيت ويشيك النشرة الجوية و بلاش يحضر النشرة الإخبارية ، يرفه عن نفسه و عن عيلته شويه ، يراجع حساباته و يتأكد انه ماشي على الطريق اللي رح يوصله لأهدافه ، مين رح يضل بجانبه ، مين ورآه مين قدّامه ، مش غلط يطلع في المراية شوي حتى يشوف شيباته (اذا ضايل شعر) يتفقد سيئاته ، حسناته ، كم راح كم ضايل ، كيف مفاصله ، مين قدواته ، هل هو نفسه ممكن فيوم يصير فيه قدوه و يلاقي أعماله قدّامه لما ما يضل شي ويخلي كل شي ورآه بدون ما يراه ، لكن أجره و اثره الطيب يضل في ثراه !

سماء الضفدع

سأروي لكم قصة قصيرة تناولتها ثقافات عديدة أهمها وربما أصلها الصينية القديمة، إنها قصة ضفدع البئر لكني سأرويها لكم بصبغة عربية دون تحريف شديد إلا ما أجبرتني عليه خلجاتي وكلماتي فلغتنا العربية الجميلة تأبى إلا أن تجمّل المفردات.   عاش ضفدع طوال حياته في بئر سحيق كان يستمتع بحياته مستلقياً في القاع ينظر للسماء وزرقتها وجمال السحاب وهو يمر مشكلاً لوحات بيضاء سريعة وبطيئة مثل لحظات الحياة. كان هذا عالمه الذي تقوقع فيه وظن أن عيشته لوحده هي الأفضل والأمثل، حتى جاءت سلحفاة وأطلت عليه برأسها الصغير الذي غطى جزءاً كبيراً من الضوء من أعلى فلفتت انتباه الضفدع. قالت السلحفاة : "كيف أنت اليوم أيها الضفدع؟" رد عليها وقد نفخ أوداجه واخضر خضاره وقال: "أنا كما ترين أسبح في هذا الماء الراكد الساكن الهادئ أمتع ناظري في الموج الذي أفتعله على مزاجي وقدر حجمي وعندي من البيوت بعدد الحفر المنتشرة في جوانب البئر، أختبئ فيها من المطر وكلما ارتفع منسوب الماء اعتليت بيتا (حفرة) أعلى. طعامي كما تعلمين حشرات تائهة جذبها الماء الداكن ورائحته المعتقة، تعالي واستمتعي معي لأخبرك عن تجارب