سأروي لكم قصة قصيرة تناولتها ثقافات
عديدة أهمها وربما أصلها الصينية القديمة، إنها قصة ضفدع البئر لكني سأرويها لكم
بصبغة عربية دون تحريف شديد إلا ما أجبرتني عليه خلجاتي وكلماتي فلغتنا العربية
الجميلة تأبى إلا أن تجمّل المفردات.
عاش ضفدع طوال حياته في بئر سحيق كان
يستمتع بحياته مستلقياً في القاع ينظر للسماء وزرقتها وجمال السحاب وهو يمر مشكلاً لوحات بيضاء سريعة وبطيئة مثل لحظات الحياة. كان هذا عالمه الذي تقوقع فيه وظن أن
عيشته لوحده هي الأفضل والأمثل، حتى جاءت سلحفاة وأطلت عليه برأسها الصغير الذي
غطى جزءاً كبيراً من الضوء من أعلى فلفتت انتباه الضفدع.
قالت السلحفاة: "كيف أنت اليوم أيها الضفدع؟" رد عليها وقد نفخ أوداجه واخضر خضاره وقال: "أنا كما ترين أسبح في هذا الماء الراكد الساكن الهادئ أمتع ناظري في الموج الذي أفتعله على مزاجي وقدر حجمي وعندي من البيوت بعدد الحفر المنتشرة في جوانب البئر، أختبئ فيها من المطر وكلما ارتفع منسوب الماء اعتليت بيتا (حفرة) أعلى. طعامي كما تعلمين حشرات تائهة جذبها الماء الداكن ورائحته المعتقة، تعالي واستمتعي معي لأخبرك عن تجاربي فقد اشتقت إلى الحديث إلى رفيق.
قالت السلحفاة: "كيف أنت اليوم أيها الضفدع؟" رد عليها وقد نفخ أوداجه واخضر خضاره وقال: "أنا كما ترين أسبح في هذا الماء الراكد الساكن الهادئ أمتع ناظري في الموج الذي أفتعله على مزاجي وقدر حجمي وعندي من البيوت بعدد الحفر المنتشرة في جوانب البئر، أختبئ فيها من المطر وكلما ارتفع منسوب الماء اعتليت بيتا (حفرة) أعلى. طعامي كما تعلمين حشرات تائهة جذبها الماء الداكن ورائحته المعتقة، تعالي واستمتعي معي لأخبرك عن تجاربي فقد اشتقت إلى الحديث إلى رفيق.
همّت السلحفاة بالدخول إلى البئر إلا أن
فتحة البئر كانت ضيقة فلم تستطع رغم حرصها على لقائه وربما تنويره، اعتذرت منه وقالت:"البئر ضيق لم لا تخرج إلينا في الأعلى وتحادثنا يا ضفدع؟" قاطعها متلهفاً لسماع
صوته وهو يتحدث إليها قائلا : "وكيف أنت ومن أين أتيت؟" قالت: "جئت من الماء المجاور
ذلك المحيط الغائر الذي لا تكاد ترى نهايته ولن تصل إلى منتهاه ولو كنت
قرصاناً ثائراً، إنه ماء كبير تسبح فيه كائنات وعجائب كثيرة، فيه نباتات ومرجانيات
وألوان فاقعة وداكنة وفاتحة وحيوانات شفافة ولفافة ومنتفخة ومنبسطة
ومفترسة وصغيرة وكبيرة. تهطل الأمطار لأيام ويأتي الجفاف لأشهر لكن لا يرتفع
منسوبه ولاينخفض، لا ينقص ماءه مهما أخذت منه ولا يخبو لونه مهما أفسدت فيه، سقفه
سماء زرقاء لونها يسر الناظرين ليس لها بداية ولا نهاية، تتكور في النهاية لكنك لن
تراها تتكور، وفي الليل بساط مقلوب مرتفع مزركش بمصابيح لا تنطفئ."
ثم أكملت:"هذا الماء، أما البر فالحديث يطول
ولا ينتهي، لقد حدثتني عنه صديقتي السلحفاة البرية ولم تنتهي" وهنا أنهى الضفدع الحوار
بسرعة وكأنه ذكّره في شيء يكرهه، واعتذر من السلحفاة وغط في قيلولته اليومية
في غير موعدها.
لا نعرف كيف انتهت القصة لكن بالتأكيد
نعرف أن الضفدع قد عرف مساحة سماءه في أعلى البئر وماءه في أسفله، لكن هل سيتخلى عالمه؟ هل سيستمر في التمتع مع نفسه كالملك دون رعية ولا وزراء أو رفقاء يشاركونه حشراته وأفراحه وحسراته؟
هل سيرتفع طموحه مع صعود الماء في الشتاء ليعود ويتبخر في الصيف مع الحرارة وسخونة
الجدار والأجواء؟ هل سيغامر ويخرج إلى عالم جديد ليخوض غمار الحياة على
طبيعتها ويشعر بغمرة الفرح ولو لمرة؟
أم أنه لن يتحرك ولو أطلت عليه سلحفاة
كل يوم، لقد سمع ما سمع، فمرحلة الإلهام الذي أدّته السلحفاة باقتضاب واقتدار قد انتهت وجاء
الدور على الضفدع أن يقرر ويختار، وليس له عذر أن يحتار، فهل هو مستعد
للمغامرة أم أنها له مقامرة؟ فجسمه قد بات متكوراً وقد يكون التنافس في البيئة الجديدة محموم
ولا يطيقه من مثله الْيَوْمَ مهموم، وخصوصاً أنه اعتاد على الهدوء والأمان والغذاء
المحدود. أسئلة كثيرة قد تحرك وجدانه فتتحرك أقدامه ليحقق غاياته ويوجه
أهدافه، متمرداً على ما يكبله ..... إن كان يكبله!
تعليقات
إرسال تعليق