جلست
فاطمة وحنان وأسماء حول أمهن يسألن وينهلن من حكمتها التي لا تنضب: "كيف
نجحت يا أمي؟ كيف ربيتنا؟ كيف علمتنا؟ كيف كبرتنا لنكون أنجح بنات في عملنا
وحياتنا، ما سرك؟ ما سرنا؟"
قالت
الأم: "لست أنا بل هو تقدير العظيم وتدبير الرحيم"
قالت
فاطمة: "وهل لك سر عند الله؟"
قالت:
"نعم، لا يعلمه إلا الله"
قالت
حنان: "وماذا عن الفلسفة التي ألهمتك في الحياة"
قالت
الأم: "ذهبنا إلى السيرك ونحن صغار وانبهرت بعرض المشي على الحبل، وظلّت
الصورة في مخيلتي أحللها وأتأمل فيها وكيف تمكن العارضين من المشي بثقة والوصول إلى
النهاية بأمان"
قالت
حنان: " وكيف ألهمك هذا العرض؟"
قالت
الأم: "لما مات أبوكم المسكين، أصبحت الحياة مثل المشي على الحبل، لكن دون
شباك الأمان في الأسفل، وكان عليّ المسير وتخطي الصعاب، تخيلت نفسي أصل خط النهاية
منتشياً بالفوز أقفز فرحاً مهنئاً صبري وجلدي، ثم قررت ألا أنظر لخط النهاية حتى
النهاية، ركزت على خطواتي الصغيرة لم ألتفت لأصوات التثبيط والشفقة والتشاؤم
والحزن وصعوبة المسير وظلم الدنيا وهمها وحزنها وغلبة الدين وقهر الرجال، لم أفكر مثلهم
في الارتفاع الكبير عن الأرض وماذا سيحدث إن سقطت، تركت خلفي كل الأشياء السيئة
التي قد تحدث وركزت على الحاضر وكيف أنجو بيومي"
قالت
أسماء: "وهل استعنت بشيء؟"
قالت
الأم: "استعنت بصلاتي وبعيونكن تملأ الأمل الطويل في قلبي وتوازن عقلي مثل العصا
الطويلة التي يحملها العارض، أما تجارب الحياة في كل خطوة فقد كانت تعلمني دروساً
فأعدل من خططي مثلما يفعل الذي على الحبل يعدل هيئته وأخطاءه حسب ارتدادات الحبل وحركاته
الدقيقة ".
تعليقات
إرسال تعليق