التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإجازة المنزلية الإجبارية بحاجة لخطة عائلية




مع اجتياح قوات الاحتلال أراضي الضفة في انتفاضة الأقصى عام 2002، انحشر الناس في بيوتهم لفترة طويلة، ورغم الذكريات الصعبة في تلك الفترة إلا أننا تعلمنا فيها الكثير، فقد قسمت يومي إلى برنامج تفصيلي قمت فيه بأنشطة متنوعة تضمنت تعلم الكثير من البرامج الحاسوبية ومنها تصميم موقع الكتروني (مع انه كان معاناة بسبب بطء الاتصال عن طريق الهاتف dial up)، وطورت نفسي في اللغة الإنجليزية وقرأت كثيراً وخصوصاً في تفسير القرآن. 
استذكرت تلك الأيام ونحن الآن نعيش ظروف خارجية تُصعّب الحياة مثل ما هو حاصل الآن بسبب مرض كورونا والحجر الصحي المنزلي (لكنه بالتأكيد أهون بكثير من الاجتياح الصهيوني)، ومهما اشتدت المحنة يظل غالباً مساحة ولو قصيرة للمقاومة أو للتأقلم مع هذه الظروف الاستثنائية، فالاستعداد الإيجابي والمبادرة وهي أول عادة من العادات السبع المشهورة في كتاب ستيفين كوفي مهمة هنا، وهي باختصار ألا نلعن الظلام والظروف بل نشعل شمعة ونتعامل معها ضمن امكانيتنا بل وتحويل المحنة إلى منحة. فهذه الظروف مثلاً ستجعل العائلة أقرب من أي وقت مضى فنصلي جماعة 5 مرات ونأكل سوية 3 مرات (النقرشات والحلويات مش محسوبة :) ونتحدث ونلعب ونتعلم ونقوي علاقاتنا أكثر وذلك مصدر رئيسي للسعادة حسب دراسة هارفرد المشهورة.
 وهنا سأحاول مشاركتكم بخطوات عملية، (وأقول عملية لأنها من تجربة عملية).
1.  رتب اجتماع عائلي وشاركهم بما يحدث وما يمكن أن يحدث وأن الإجازة قد تطول، وعليه نحن بحاجة إلى عمل خطة وبرنامج يومي، وإلا ستنقضي الأيام أمام شاشات الهواتف والتلفاز وسيأكلنا الملل.
2. اعمل عصف ذهني لتوليد أفكار مختلفة لنشاطات يمكن عملها في المنزل.
3.  رتب هذه الأنشطة ضمن خانات رئيسة (لا تستغرب إذا كان 99% من أفكار أبنائك هي ألعاب :) كما حصل معي، فهذا طبيعي وحاول أن تكون ديموقراطي في هذه الخطوة).
4. أدخل أنت الأفكار المتعلقة بالقراءة والتعلم والعبادة وغيرها من الأمور المهمة وذلك من خلال لعب دول ميسر الجلسة (استخدم ديكتاتوريتك لتثبيت هذه الأفكار في البرنامج النهائي :))
5. قسم اليوم إلى أربعة أجزاء (أو تفصيله بالساعات)، البداية بالمشي صباحاً قبل خروج الناس ثم جزء كبير للتعلم المرتبط بالمنهاج من قريب أو بعيد بطرق مسلية إن أمكن (ويفضل في الصباح ليحاكي عاداتهم المدرسية)، وجزء للألعاب الجماعية مع التنويع بين النشاطات الذهنية والبدنية، والجزء الأخير للقراءة العامة والألعاب الفردية، وبين هذه الأجزاء استراحات قصيرة ووقت حر لعمل أي شيء مثل التلفاز (فرصة لك للانقضاض على هاتفك وتنظيفه من التنبيهات الحمراء).      

وكما يقول المثل الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، واليوم أصبح الوضع أصعب فهناك منشار صغير ذكي موجود دائماً بين يديك وينسل بمجرد إشارة من اصبعك.

نسأل الله أن يحفظ الجميع وأن لا يطول الحال وتعود الحياة إلى طبيعتها ، وهنا رابط لمقالة تتعلق بأنشطة لتحفيز الابداع في المنزل وأخرى بالنشاط الرياضي المنزلي ، أو تركهم للملل ليتغلبوا عليه بإبداعهم

الصورة للعبة لم نفكر أبداً بفتحها ومحاولة حلها من قبل، لكن اليوم تركناها على الطاولة نمر عليها كل حين ونركب بعض القطع :)  


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...

إذا هبت رياحك فاغتنمها

تمر علينا نفحات روحانية ونفسية وجسدية تمثل فرصاً للارتقاء والنقاء، ولأن القلوب تتقلب، التقطها كلما حانت واستمتع بها في لحظتها ولا تنتظر اللحظات القادمة وتخطط لها، فالعفوية طعمها أجمل.  إذا سمعت تلاوة جميلة ورقّ قلبك لا تغير المحطة وابحث عن اسم القارئ، شعرت بالمحتاجين وأنت تشاهد وثائقي تبرع عبر موبايلك مباشرة، طلب أبناءك أن تلعب معهم اترك ما في يدك (خصوصًا الموبايل) والعب معهم، تذكرت أنك لم تزر أهلك من مدة اذهب وصل رحمك أو حتى اتصل عليهم، عزمك أصدقاءك على لعبة كرة أو مشوار رياضي انطلق، سمعت بنشاط عائلي إبداعي اشتر تذكرة وفرح أبناءك، رأيت مهموماً شارد الذهن، تقدم إليه وواسيه لعلك تخفف عنه، فرصة للسفر ومغامرة مثيرة احجز أونلاين ، التقيت بشخص مميز تقدم وسلم عليه وتعرف عليه.   هذه أمثلة بسيطة لمواقف يومية عديدة تحتاج منا الإنصات والتربص باللحظات. فالحياة مثل الخفقات تصعد ثم تنزل، تتحرك ثم تسكن، وكما قال الإمام الشافعي المبدع (إن صح عنه): إذا هبت رياحك فاغتنمها         فعقبى كل خافقة سكون      ولا تغفل عن الإحسان فيها...