تمر الأيام على المرء يعيش فيها أيام هناء
ورخاء وأيام نكد وعناء، يصعد التلال فيفرح ويتباهى بإنجازاته ونجاحاته، ثم سرعان
ما يهوي إلى الوادي حقيقة أو نفسياً، فيندب حظه ويتباكى على اخفاقاته. هذا على
المستوى الشخصي، أما هذه الأيام فيعيش العالم كله ابتلاء بالبأساء (ما يصيبهم في
أبدانهم من أمراض وأسقام) وقد نعيش لاحقاً الضراء (ما يصيبهم من فقر وحاجة ونحو
ذلك) بسبب الآثار الاقتصادية المترتبة على انتشار مرض كورونا. وقد نشرت شركة
ماكينزي المعروفة مقالاً فصلت فيه أهمية التعامل مع الأزمة لتخفيف انتشار المرض
(البأساء) وفي نفس الوقت الحفاظ على قوت الناس (الضراء) وتعافي الاقتصاد في أسرع
وقت (المقالة كاملة هنا).
الأخذ بالأسباب مهم جداً لتخطي الأزمة لكن الأهم أيضاً أن نعتبر ونتضرع إلى الله
بينما نعمل في كلا الاتجاهين لأنه مسبب الأسباب أي جاعلها بحكمته أسباباً مفضية
إلى نتائجه ، ولقد أخبرنا الله عن سنن الأوليين لنعتبر في مواضع كثيرة منها سورة
الأعراف: " وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن
نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ
يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوا
وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم
بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُون (95) "
إذن حري بنا أن نصبر في الضراء وننتظر أن
تزول الغمة فنهرع إليه ونشكره ليزيدنا رخاء، ومصيبة كبيرة أن لا نعتبر لا في
الضراء ولا حتى عند انحسارها لتصبح سراء، ولا نقول "قد مس آباءنا الضراء
والسراء" (يعني عادي هذا حال الدنيا ولا يوجد تدبير ولا تقدير والعياذ
بالله). ولقد دلنا الرسول الكريم على المنهجية الصحيحة للتعامل مع مطبات الحياة
هذه سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى الأمم فقال: " عجباً لأمر المؤمن
إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر؛ فكان خيراً له،
وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيراً له".
اللهم إنا نسألك أن تثبتنا وتجعلنا من
الشاكرين والصابرين المتبعين لسنة رسولك الكريم ... آمين
تعليقات
إرسال تعليق