التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رفقاً يا رفيقي


رفقاً يا رفيقي

كنت مرة وصديق في أحد المساجد الصغيرة في بريطانيا وكنا نتحدث بعد الصلاة بصوت مرتفع ثم جاء أحدهم إلينا وبدأ الكلام مباشرة بعد السلام ولكن بصوتٍ منخفض دون أن نشعر ... تنبهت بعدها مباشرة وذكرت لصديقي (عالي الصوت مثلي) كيف كان أسلوب هذا الرجل الطيب الدمث مميزاً كما عرفته دائماً و أوصل الرسالة برفق ورقة فائقة.


أذكر هذه القصة اليوم وأتامل كيف أن كثيراً منا يقسو في الكلام والإشارة وأحياناً الإبتسامة، نعم إبتسامة خفية جارحة أو مزحة (بايخة) تحرك أحاسيس حزينة  قديمة كانت عليها غبرة شكلت طبقة ثخينة ، لكن أبى ذلك الإنسان إلا أن يفتح ويملح الجرح القديم ، لماذا  يا رفيقي!!

إن الرفق والأسلوب اللطيف هو من الإحسان المأمورين به تماماً مثل العدل بل بمستوى أعلى و زيادة ، وفي هذه الزيادة معنى إنساني جميل ، رقيق وأنيق. أنك تكسب محبة الناس بابتسامة قلبية وتعامل حسن.

أستغرب من البعض الذي ينفر ويكشر مع ولده ووالده وزوجه و قريبه ، بل حتى مع عميله (client)  الذي هو  مصدر رزقه (إن صح التعبير). كلام رسولنا الكريم ، الذي ليس للحسام بعده كلام :"ما كان الرفق في شيء إلا زانه" ، قاعدة ذهبية يمكن أن تصلح بيوت وتبني مجتمعات وتصون علاقات وتحيي وترفع هامات ، نعم إنك لترى أثره في النفس مباشرة كأنها اهتزت وربت. لو سألتك ، الآن ، عن أحب الناس إليك ومن تحب مجالستهم لربطت هذا بذاك مع شيء من الفكاهة كفاكهة للمجلس والمكان.
ناداني أحد طلبتي الطيبين 'بحسن نية' أغلق الباب و آخر (زيح ال projector) دون ذكر لو سمحت ، من فضلك ،بعد إذنك ... إلخ ، فنبهته وانتبه. هذه الكلمات البسيطة مثل شكراً ،جزاك الله خير . عذراً ، هي 'خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان' فهي كالملح على الطعام تجعله أزكى و أحلى مع أنه ملح وليس سكر :)

واخيراً أدعوكم ونفسي أن نفكر قبل إطلاق عنان اللسان مع الصغير والكبير والدكتور والشوفير. يجب حساب التكلفة المعنوية في كل مرة وبسرعة ، ولنحاول أن نجعلها حلوة من فمنا و إيجابية دائماً. فلرب كلمة لا تلقي لها بالاً تصنع رجالاً و تبني عماداً أو تحبط جبالاً وتهدم سحاباً. ولنكن مع الأولى فهي الأولى ولنربي عليها البنات والبنين من الصغر.

حسام عرمان   
15/11/2011
        

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

أثر الشاشة (تلفاز، موبايل، آيباد) على الأطفال – دراسات

  -           زيادة وقت الشاشة   يؤدي إلى انخفاض النشاط البدني وزيادة مؤشر كتلة الجسم وتقليل الوجبات العائلية معًا وقلة النوم عند الأطفال -           لا يستفيد الأطفال دون سن الثانية بشكل عام على الإطلاق من أي محتوى يعرض على الشاشة حتى البرامج المفيدة (فوق سنتين فقط يصبح مفيد) -           يمكن للأطفال تعلم كلمة جديدة بشكل أفضل شخصيًا أو عبر مكالمة فيديو تفاعلية، مقارنة بمشاهدة نفس الكلمة التي يتم نطقها بشكل سلبي على الشاشة. -           أدمغة الأطفال الصغار تتطور بسرعة، ويظل التفاعل مع الوالدين أمرًا بالغ الأهمية لتعلمهم. -           الكثير من وقت الشاشة يمكن أن يؤثر سلبياً على فهمه لعالمنا ثلاثي الأبعاد وتقليل الخيال الإبداعي -           استخدام وقت الشاشة للأطفال في سن المدرسة يقلل من مهارات الصور الذهنية   المصدر: صفحة المستقبل - بي بي سي

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016 رغم أني عادة لا أتابع ألعاب الاولمبياد بشكل عام (عد ا  كرة القدم طبعا)، لكن هذه السنة تابعت بعض الألعاب و الأخبار المتفرقة من ريو 2016 ، قصص مؤثرة و حكايا متنوعة و مثيرة. فها هي البرزيلية السمراء الجميلة رافيايل سيلفا القادمة من المخيمات المجاورة تحصد الميدالية    الذهبية بعد أن كادت تتحطم نفسيتها قبل انهيار بدنها و ربما وظيفتها أمام سيل الانتقادات في الاولمبياد الماضي عندما فشلت فشلا ذريعا ، و وصفها بهمجية عنصرية بغيضة بعض الجماهير بالقردة مستهزئين بلون بشرتها و أدائها. لم تفتح رافايل كمبيوترها حينها خوفا من أن تنهار عند قراءتها التعليقات لكنها تمالكت نفسها وعادت بعد أربع سنوات وقالت لهم "  The monkey came out of the cage in London and became champion in Rio de Janeiro " أي خرجت القردة من القفص في لندن و أصبحت بطلة في ريو. أما قصة جوزيف سكولنج السعيد القادم من دولة صغيرة عظيمة هي سنفافورة ، يأتي هذا الصغير صاحب الحلم الكبير لينتقل بنا من صورة له مع قدوته في الرياضة السباح العملاق فيلبس قبل ثمانية سنوات عندما كان عمره حينها ثلاثة