التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كورونا - هل هي معركة بين الاقتصاد والصحة؟





سخر الاقتصادي الشهير الحائز على جائزة نوبل بول كريجمان في مقالته قبل أيام (بعد ما مسح البلاط في ترامب وعصابته) من "قيصر" التجارة عند ترامب الذي يظن أن الاقتصاد الضعيف سيقتل الناس أكثر من الفايروس. وقال: "من يتحدث عن عراك بين الاقتصاديين وخبراء الصحة مخطئ"، وأكمل أن الاقتصادي "الفهمان" يعرف ما لا يعرف ويحترم أهل الاختصاص. (وهنا أحيي (أنا مش كريجمان) المدرب الحبيب يورجن كلوب عندما رد على الصحافي في بداية الأزمة وقال بما معناه "اسألوا أهل الخبرة").
يشير كريجمان في مقالته إلى مسح شمل مجموعة كبيرة من الاقتصاديين المعتبرين الذين يؤيدون تحمل انكماش كبير في الاقتصاد حتى ينخفض انتشار المرض بشكل كبير. وينهي مقاله القصير بقوله أن من يطالب بفتح الاقتصاد هم "المتعجرفون" والمنتفعون، أو كما يقول مجموعة من الأغنياء الذين يعتقدون أنهم أذكى من الآخرين لأنهم فقط أغنى منهم.  
لقد فرحت بهذا المقال الذي يأتي من شخص متخصص يدعونا للتمهل، صحيح أنه يتحدث عن أمريكا، لكن الفلسفة التي يقدمها هي الأهم. وبالتالي حري بنا في أوطاننا أن نتمهل أيضاً ونتشارك ولا ندع الاقتصاديين "يفتون" وحدهم في هذا المضمار ولا يتنازعون مع خبراء الصحة، فلطالما نظّروا علينا بموضوع رأس المالي البشري (الصحة والتعليم) وأنه المساهم الأكبر في النمو الاقتصادي وديمومته.
أعتقد أن الموضوع أكبر بكثير، وقد يواجه العالم مشكلة أخلاقية إذا ظل متمسكاً بالنظرة المادية وأعتقد أن "المتعجرفين" عندهم بدأوا يهمسون أن الكبار أصلاً عالة علينا وغير منتجين والمستقبل للصغار. وأذكر هنا تجربة شاركت بها وقرأت تقريرها لجامعة MIT   العريقة لتصميم المنظومة الأخلاقية للسيارت الذكية وكيف سيتصرف نظام الذكاء الاصطناعي مع المعضلات الأخلاقية ethical dilemma وقد بينت أن نسبة أكبر عند الغرب يفضل أن يضحي (يدعس) الكبير وينقذ الصغير إذا اضطر لذلك.   
أما نحن والحمد لله لا نتخذ قراراتنا من منطلق مادي بحت فعندنا فكر أخلاقي واجتماعي رصين، فكبارنا كبارنا وأهلنا الذين ربونا وعلمونا مثلهم مثل صغارنا فلذات أكبادنا ومستقبلنا، لا نفرق بين أحد منهم ولن نضحي بأحد فكلها أرواح نقية وإزهاق واحدة أعظم من هدم الكعبة حجراً حجراً كما وضح نبينا صلى الله عليه وسلم.  
أعتقد أن عالمنا العربي - وفلسطين بالتحديد - قادرة على الصمود ، وقد صمدنا وصمدت غزة والقصف فوق رؤوس أهلها وصمدنا في انتفاضتين بسبب المنظومة الاجتماعية القوية رغم تقهقرها مؤخراً، تظافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والأهلي وربما الأهم تفقد كل جار جاره كفيل بأن يجعلنا نصبر أكثر ونحاصر المرض ونتفوق على أمريكا وأوروبا، لا أبالغ لكني أعلم أننا أقدر على حياة بسيطة وقد كان رغيف طابون وزيت زيتون وبصلة قوت يومنا (كما كانت تقول ستي) ، وما عهدنا بالرفاهية إلا قصير ، فلنصبر ولنستمع لبعضنا ولنتعاضد ولنضرب مثالاً للعالم في تفوقنا الإنساني رغم فشلنا المادي.     



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

أثر الشاشة (تلفاز، موبايل، آيباد) على الأطفال – دراسات

  -           زيادة وقت الشاشة   يؤدي إلى انخفاض النشاط البدني وزيادة مؤشر كتلة الجسم وتقليل الوجبات العائلية معًا وقلة النوم عند الأطفال -           لا يستفيد الأطفال دون سن الثانية بشكل عام على الإطلاق من أي محتوى يعرض على الشاشة حتى البرامج المفيدة (فوق سنتين فقط يصبح مفيد) -           يمكن للأطفال تعلم كلمة جديدة بشكل أفضل شخصيًا أو عبر مكالمة فيديو تفاعلية، مقارنة بمشاهدة نفس الكلمة التي يتم نطقها بشكل سلبي على الشاشة. -           أدمغة الأطفال الصغار تتطور بسرعة، ويظل التفاعل مع الوالدين أمرًا بالغ الأهمية لتعلمهم. -           الكثير من وقت الشاشة يمكن أن يؤثر سلبياً على فهمه لعالمنا ثلاثي الأبعاد وتقليل الخيال الإبداعي -           استخدام وقت الشاشة للأطفال في سن المدرسة يقلل من مهارات الصور الذهنية   المصدر: صفحة المستقبل - بي بي سي

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016 رغم أني عادة لا أتابع ألعاب الاولمبياد بشكل عام (عد ا  كرة القدم طبعا)، لكن هذه السنة تابعت بعض الألعاب و الأخبار المتفرقة من ريو 2016 ، قصص مؤثرة و حكايا متنوعة و مثيرة. فها هي البرزيلية السمراء الجميلة رافيايل سيلفا القادمة من المخيمات المجاورة تحصد الميدالية    الذهبية بعد أن كادت تتحطم نفسيتها قبل انهيار بدنها و ربما وظيفتها أمام سيل الانتقادات في الاولمبياد الماضي عندما فشلت فشلا ذريعا ، و وصفها بهمجية عنصرية بغيضة بعض الجماهير بالقردة مستهزئين بلون بشرتها و أدائها. لم تفتح رافايل كمبيوترها حينها خوفا من أن تنهار عند قراءتها التعليقات لكنها تمالكت نفسها وعادت بعد أربع سنوات وقالت لهم "  The monkey came out of the cage in London and became champion in Rio de Janeiro " أي خرجت القردة من القفص في لندن و أصبحت بطلة في ريو. أما قصة جوزيف سكولنج السعيد القادم من دولة صغيرة عظيمة هي سنفافورة ، يأتي هذا الصغير صاحب الحلم الكبير لينتقل بنا من صورة له مع قدوته في الرياضة السباح العملاق فيلبس قبل ثمانية سنوات عندما كان عمره حينها ثلاثة