التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

تجربة استونيا التنموية

   شاركت في مسابقة رياضية وثقافية وسط صحراء الكويت، وكان أحد الأسئلة متعلق بالجغرافيا، حيث ظهر علم مخطط بالأزرق والأسود والأبيض اختاره طلاب جامعة تارتو في استونيا لجمعيتهم الطلابية ثم أصبح علم الدولة، ولا أدري كيف حزرتُ الإجابة حينها، ولم يخطر في بالي أني سأزورها في نفس العام، فهي دولة أوروبية شرقية، وغير معروفة بالسياحة (كما هو واضح في الصورة ) أو أي عامل جذب غير السونا مثلها مثل فنلندا وجيرانها وليس في ذلك تمايز.  انطلقنا الأسبوع الماضي ضمن وفد رائع من خريجي مؤسسة القدومي المتميزة في دعم برامج بناء الإنسان الفلسطيني ورأس المال البشري. اجتمعنا بدعوة من المؤسسة رغم تشتتنا في بقاع الأرض ولقد  أحسنت إدارة المؤسسة باختيارها هذه الدولة لدراسة تجربتها والاستفادة منها. ا ستونيا دولة تعداد سكانها أقل من مليون ونصف نسمة، مرت بفترات عصيبة واحتلال سويدي ودنماركي وألماني وروسي لسنوات ولكنها لم تنقرض وناضلت وسرعان ما تقدمت بمجرد أن تحررت، وقد تمكنت من مضاعفة دخلها القومي ثمانية أضعاف خلال ما يقارب عشرين سنة، بدعم غربي وهذه قصة بحاجة إلى تفصيل وتعليق منفصل في مناسبة أخرى.  ...
آخر المشاركات

فيتنام - ولادة أمة

  شاهدت مؤخراً وثائقي مميز على الجزيرة الوثائقية"فيتنام ولادة أمة" ويبدو أنه الجزء الأول (موجود على منصة الجزيرة ٣٦٠، معلش نعملهم دعاية مجانية بستاهلوا في هذا المجال مهما اختلفت معهم بمجالات أخرى) حيث تحدث عن نشوء البلد وحقبة الاستعمار الفرنسي ثم الياباني ثم الفرنسي، الوثائقي ملهم لكل الشعوب المقهورة التي فرض عليها الاستعمار من قبل دول عظمى فأبت الاستسلام (مش الكل، في مجموعة انبطحوا وتعاونوا ثم اندثروا) وحفروا الصخر بأيديها وانتصروا لإيمانهم بقضيتهم وفكرتهم فكيف بمن إيمانه بحتمية النصر وأنه إحدى الحسنين !  ربما المقطع الأهم الذي لفت انتباهي هو الملحمة التي حصلت في معركة ديان بان فو حيث تجسدت صلابة عقلية هذا الشعب الأبيّ من الرجال والنساء، وكيف قاموا بحمل المدافع بأيدهم إلى أعالي الجبال المطلة على معسكرات الفرنسيين الذين لم يتوقعوا مثل هذه العزيمة لرفع تلك المدافع عبر طرق وعرة وأحراش خضرة متداخلة لكنها لأهلها حاضنة، فتفاجأت القوات الفرنسية بالمدافع تدك حصونهم العارية أمام القنابل العالية تهب عليهم مثل الرياح العاتية (معلش حرقت أحلى لقطة في الفيلم) بس انصح بمشاهدته كله). قصة عل...

تدمير معادلة الإنتاج

  يبدو أن ثلة من شياطين الاقتصاد جلسوا سوية مع العسكريين والسياسيين وعلماء الاجتماع ليشربوا نخب انتصارهم من دماء الأبرياء، ويشهدوا تدمير معادلة الإنتاج وعملية الإبادة ليقطعوا بنظرتهم المادية البحتة أي أمل في النهوض. فها هي الأرض تحفر ليسرق ما فيها من غاز ونفط، وتجرف قطع الزيتون البهية التي تتجاوز أعمارها أعمارهم (الموارد الطبيعية N )، أما رأس المال البشري  ( H ) المتمثل بالصحة والتعليم، فالتجويع  يقضي على الأطفال والكبار ومن ينجوا من الأطفال يواجه كارثة في جسده وعقله إلى أجل بعيد، أضف إلى ذلك نسبة الإعاقات الجسدية والنفسية الكبيرة بسبب الحرب. أما التعليم فها هو العام الثالث يدخل دون مدارس ولا دراسة وهو أساس البناء المتين لمستقبل أي أمة ، أما الجامعات وطلابها فمهما حاولوا مشكورين فإن الدمار كبير، ناهيك عن تشريد الكفاءات منذ بداية الحرب وما ندري بعدها وهذه قصة لوحدها، فحب التعليم ثقافة فلسطينية أصيلة  مثل حب الزعتر والزيت والزيتون. أما العمالة ( L ) فأعداد القادرين على العمل والمساهمة في الإنتاج قد تم تصفية الكثير منهم بالقتل والتشريد وخصوصاً فئة الشباب، عدا عن تع...

عندما يتفوق العبد على سيده

  شاهدت معظم الأفلام المرتبطة بمعضلة أحبابنا الأفارقة ومعاناتهم في أمريكا وكثير منها مؤلم جداً وخصوصاً تلك المبنية على قصص حقيقية، أم فيلم Django Unchained فهو تحفة دموية لكنها مبهجة حيث ترى "العبد" جانجو حراً طليقاً يفتك بالمجرمين البيض ومنهم "أسياد" سابقين له وكلهم مطلوبون للعدالة وكان ذلك العمل حينها قانونياً بل وتضع له الحكومة جوائز نقدية. ننتقل إلى المشهد الذي يترقب فيه المشاهد وينتظر اللحظة الرومانسية التي اقترب فيها جانجو من تحرير زوجته بعد أن تحرر وأصبح صديقًا وشريكاً للطبيب الألماني شولتز (لازم يكون الأبيض إله دور إيجابي في هوليوود حتى لو كان أوروبي وهذه مقصودة كمان) الذي قرر مساعدته لتحرير زوجته من العبودية بعد أن عرف أنها تعيش في مزرعة الإقطاعي كاندي الذي يمتلك الكثير من العبيد (اللي بده يحضر الفيلم ما يكمل قراءة!). تسير كل الأمور على ما يرام حتى يلاحظ رئيس الخدم علاقة خفية صعب إخفاءها بين الزوج وزوجته، وقد كان رئيس الخدم ستيفين معروف بولائه الذي لا يعرف الحدود والمصلحة المادية بل ظهر متيماً بسيده وأكثر غلظة منه على سائر العبيد، واكتشف خطة جانجو وا...

ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟

ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟ غَفَتْ عُيُونُنا، وخافَتْ أحلامُنا مِن نَظْرَةِ الأطفالِ ! مِن جُوعِهِمْ وشِبَعِنا مِن بَرْدِهِمْ ودِفْئِنا مِن عِزِّهِمْ وذُلِّنا ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟ عن أُمَّةٍ مَهْزُومَةٍ مَهْزُوزَةٍ قَدْ رَجَّها زِلزالٌ خابَ الرَّجاءُ بِعِزِّها وبِحَجْمِها، وكأنَّها عَقَرَتْ عن خِلْفَةِ الأبطالِ ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟ عن مَنْ تَحَلَّقَ يَلْحَظُ انتِزاعَ الرُّوحِ على الهَواءِ أو مَنْ تَجَهَّمَ وَجْهُهُ خَوْفًا أنْ تَفْسَدَ القَهْوَةُ بلَوْنِ الدِّماءِ أو مَنْ دَسَّ السُّمَّ ثُمَّ اسْتَنْكَرَ الأفعالَ ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟ عن زَمَنٍ عَزَّ فيهِ الرِّجالُ ودَفَنوا رُؤوسَهُم في الرِّمالِ رَغْمَ عِلْمِهِمْ بأنَّ يَوْمَهُم آتٍ لا مَحالَ ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟

ظاهرة الحراك الطلابيّ الغربي

  عندما ترى "الأخ" صامتاً أو مطنشاً أو متآمرًا فمن الطبيعي أن تتفاعل وتحتفي، بينما الكل يختفي، بأي تحرك وصوت ومن أي جهة ولو كان بمقدار دبيب النمل، ولذلك ترى هذه الحفاوة بالحراك الطلابيّ في الغرب رغم أنه عمل بسيط، رغم أن البعض (وأنا منهم لا يعتبره بسيط اطلاقاً)، فالعمل الرمزي أحياناً أشد مضاضة من وقع الحسام المهند، فهذا الحراك مركزه عاصمة الرأسمالية العالمية، صحيح أن الشرارة كانت بسيطة لكن تفاعلها واشتعالها لم يكن ليحدث لولا وجود مواد قابلة للاشتعال تراكمت شبابياً بسبب الحياة الغربية التي غربتهم بأزماتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ونفاقها وظلمها المحلي وتاريخها الاستعماري الخارجي، فأصبحت شريحة من الشباب النقي ومن صادقهم ممن أصولهم من المهاجرين ترى الظلم بشكل أوضح وأمست تنقم على هذا النظام الزائف الظالم وربما وجدت ضالتها في قضية فلسطين كقضية أخلاقية ونموذجاً كاشفاً لزيف مادية هذا النظام الذي لا يحترم إلا القوي فخرجت تعبر عن نفسها قبل غيرها … ربما !  أما نحن فنقول أننا نعلم يقيناً أن ذلك ليس غريباً، ففلسطين هي البوصلة، ومن أراد الإبحار نحو الحرية لابد أن يتبع ا...

الطيبون الصامتون

أثناء عودتي من لندن ليلة أمس في الطائرة لفت انتباهي فيلم بعنوان The Penguin Lessons مبني على قصة حقيقة متعلقة بمعلم في مدرسة وهذه ربما أفضل توليفة لفيلم يمكن أن يشدني لأترك كتابي أو "سودوكتي" في الطائرة، فأنا مازلت مولعاً بالتعلم والتعليم رغم ابتعادي عن الثانية لسنوات. لن أحرق أحداثه لمن أراد أن يشاهده! لكن سأشارككم دون تعليق بمقطع بسيط ترجمته بتصرف وأنا أتأمل أحداث اليوم وما يحصل من تجويع فظيع في قطاعنا الحبيب.    يبدأ الحوار بين عاملة النظافة صوفيا والناشطة الاشتراكية ضد الديكتاتورية الفاشية التي قادت انقلاباً عسكرياً في الأرجنتين في السبعينات مع معلم المدرسة الإنجليزي توم؛  أحيانًا في الحياة يا صوفيا، لا تسير الأمور كما تريدين، فتضطرين إلى اتخاذ إجراءات غير مثالية. صوفيا: يجب أن تكون متحدثًا باسم الجيش. توم:  للعلم، أنا أكره الفاشية.  صوفيا: حقًا؟ لم أرك في أي مسيرة مؤخرًا. توم: لأني معلم، وهذه ليست بلدي. صوفيا: وأنت سعيد بالعمل وجني المال من هذا البلد.  توم: تعلمتُ أن أُخفي ذلك (أشار إلى أنفه)، واغلق هذا (أشار إلى فمه) وهذ...