التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الطيبون الصامتون

أثناء عودتي من لندن ليلة أمس في الطائرة لفت انتباهي فيلم بعنوان The Penguin Lessons مبني على قصة حقيقة متعلقة بمعلم في مدرسة وهذه ربما أفضل توليفة لفيلم يمكن أن يشدني لأترك كتابي أو "سودوكتي" في الطائرة، فأنا مازلت مولعاً بالتعلم والتعليم رغم ابتعادي عن الثانية لسنوات. لن أحرق أحداثه لمن أراد أن يشاهده! لكن سأشارككم دون تعليق بمقطع بسيط ترجمته بتصرف وأنا أتأمل أحداث اليوم وما يحصل من تجويع فظيع في قطاعنا الحبيب. 

 

يبدأ الحوار بين عاملة النظافة صوفيا والناشطة الاشتراكية ضد الديكتاتورية الفاشية التي قادت انقلاباً عسكرياً في الأرجنتين في السبعينات مع معلم المدرسة الإنجليزي توم؛ 

أحيانًا في الحياة يا صوفيا، لا تسير الأمور كما تريدين، فتضطرين إلى اتخاذ إجراءات غير مثالية.

صوفيا:

يجب أن تكون متحدثًا باسم الجيش.

توم: 

للعلم، أنا أكره الفاشية. 

صوفيا:

حقًا؟ لم أرك في أي مسيرة مؤخرًا.

توم:

لأني معلم، وهذه ليست بلدي.

صوفيا:

وأنت سعيد بالعمل وجني المال من هذا البلد. 

توم:

تعلمتُ أن أُخفي ذلك (أشار إلى أنفه)، واغلق هذا (أشار إلى فمه) وهذا أفادني كثيرًا حتى الآن.

 

صوفيا:

حسنًا، أنا عاملة نظافة، وأتحدث بصراحة من خلال هذا (أشارت إلى فمها) عن "القرف" الذي أشم رائحته بهذا (أشارت إلى أنفها) وهي منفعلة ثم قالت (انتبه جيداً لهذه الجملة عزيزي القارىء):

 

"عندما يرتكب الأشرار أفعالًا سيئة، أتوقع ذلك، لكن عندما لا يفعل الطيبون شيئًا، أريد فقط أن أضربهم في وجوههم".

 

اكتفي بهذا القدر وأترككم مع قصيدة رائعة من الفيلم للشاعر شيلي قام توم بتدريسها للطلبة (ترجمتها أيضاً بتصرف):

 

“Rise like Lions after slumber
In unvanquishable number
Shake your chains to earth like dew
Which in sleep had fallen on you –
Ye are many – they are few.

“Let a vast assembly be,
and with great solemnity
Declare with measured words that ye
Are, as God made ye, free –

 

انهضوا كالأسود بعد نومٍ عميق

بأعدادٍ لا تُقهر

تخلصوا من سلاسلكم كما ينفض الندى الذي سقط عليكم وأنتم نائمون 

أنتم كثر وهم قلة

هلموا كجمع مهيب

وبجلالٍ عظيم

أعلنوا بكلماتٍ موزونة أنكم

كما خلقكم الله أحرارًا 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سماء الضفدع

سأروي لكم قصة قصيرة تناولتها ثقافات عديدة أهمها وربما أصلها الصينية القديمة، إنها قصة ضفدع البئر لكني سأرويها لكم بصبغة عربية دون تحريف شديد إلا ما أجبرتني عليه خلجاتي وكلماتي فلغتنا العربية الجميلة تأبى إلا أن تجمّل المفردات.   عاش ضفدع طوال حياته في بئر سحيق كان يستمتع بحياته مستلقياً في القاع ينظر للسماء وزرقتها وجمال السحاب وهو يمر مشكلاً لوحات بيضاء سريعة وبطيئة مثل لحظات الحياة. كان هذا عالمه الذي تقوقع فيه وظن أن عيشته لوحده هي الأفضل والأمثل، حتى جاءت سلحفاة وأطلت عليه برأسها الصغير الذي غطى جزءاً كبيراً من الضوء من أعلى فلفتت انتباه الضفدع. قالت السلحفاة : "كيف أنت اليوم أيها الضفدع؟" رد عليها وقد نفخ أوداجه واخضر خضاره وقال: "أنا كما ترين أسبح في هذا الماء الراكد الساكن الهادئ أمتع ناظري في الموج الذي أفتعله على مزاجي وقدر حجمي وعندي من البيوت بعدد الحفر المنتشرة في جوانب البئر، أختبئ فيها من المطر وكلما ارتفع منسوب الماء اعتليت بيتا (حفرة) أعلى. طعامي كما تعلمين حشرات تائهة جذبها الماء الداكن ورائحته المعتقة، تعالي واستمتعي معي لأخبرك عن تجارب...

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...