شاهدت معظم الأفلام المرتبطة بمعضلة أحبابنا الأفارقة ومعاناتهم في أمريكا وكثير منها مؤلم جداً وخصوصاً تلك المبنية على قصص حقيقية، أم فيلم Django Unchained فهو تحفة دموية لكنها مبهجة حيث ترى "العبد" جانجو حراً طليقاً يفتك بالمجرمين البيض ومنهم "أسياد" سابقين له وكلهم مطلوبون للعدالة وكان ذلك العمل حينها قانونياً بل وتضع له الحكومة جوائز نقدية.
ننتقل إلى المشهد الذي يترقب فيه المشاهد
وينتظر اللحظة الرومانسية التي اقترب فيها جانجو من تحرير زوجته بعد أن تحرر وأصبح
صديقًا وشريكاً للطبيب الألماني شولتز (لازم يكون الأبيض إله دور إيجابي في هوليوود
حتى لو كان أوروبي وهذه مقصودة كمان) الذي قرر مساعدته لتحرير زوجته من العبودية بعد أن عرف أنها تعيش
في مزرعة الإقطاعي كاندي الذي يمتلك الكثير من العبيد (اللي بده يحضر الفيلم ما
يكمل قراءة!).
تسير كل الأمور على ما يرام حتى يلاحظ رئيس
الخدم علاقة خفية صعب إخفاءها بين الزوج وزوجته، وقد كان رئيس الخدم ستيفين معروف بولائه
الذي لا يعرف الحدود والمصلحة المادية بل ظهر متيماً بسيده وأكثر غلظة منه على
سائر العبيد، واكتشف خطة جانجو والطبيب لشراء الزوجة ومن ثم تحريرها فأخبر سيده كاندي
الذي غضب مما حدث وطلب مبلغاً كبيراً، وحدث لغط وجدال انتهى بمقتل الطبيب وكاندي واعتقل
جانجو وعذّب، ثم نجا بعد معركة دموية بهيجة قتل فيها الجميع وعلى رأسهم ستيفن رئيس
الخدم.
هذا المشهد العجيب من تفرعن العبد
السابق ليصبح أقسى من سيده على أقرانه يتكرر في كل زمان ومكان فهذه ظاهرة اجتماعية
عجيبة تحدث عنها ابن خلدون في مقدمته العجيبة (أنصح بقراءتها بشدة، بس المقدمة J ) أن المستعمَر يرنو إلى المستعمِر ويحاول تقليده والسير على خطاه ويفسر
ذلك بشعوره بالنقص وأن السيد لم يصبح سيداً إلا لأنه أفضل منه بطريقة أو بما!
وبما أننا نتحدث عن كل زمان ومكان،
شاهدنا منذ بداية الحرب كيف ينبطح المتخاذلون والمتآمرون ويصطفوا مع أسيادهم لجلد المقهورين
المستعمَرين، وبالأمس رأينا مثالاً رمزياً حياً صارخاً على شاشة التلفاز تثمل بموقف
توم ترامب (وهذه مقصودة مني لأنه كان العبد عادة يأخذ اسم عائلة السيد غصباً أو لأنه
لا يعرف اسمه)، حيث صرخ بالحضور:"أرجوكم اصمتوا للحظة، وأريد أن أخبركم شيئاً. في اللحظة
التي يصبح فيها هذا الوضع فوضوياً وحيوانياً، سنرحل من هنا". هكذا وبخ المبعوث الأمريكي الصحافيين اللبنانيين في المؤتمر الصحفي أمس
في لبنان بلد الحب والكرامة، وللمفارقة توم هو لبناني الأصل، لكن يبدو أن بُعد
غصنه عن الجذر والأصل وراثياً ومكانياً أنساه أصله الأصيل، وكما يقول المثل "للي
ينسى أصله ما له أصل"ـ
تعليقات
إرسال تعليق