شاركت
في مسابقة رياضية وثقافية وسط صحراء الكويت قبل أقل من عام، وكان أحد الأسئلة
متعلق بالجغرافيا، وقمت بالإجابة على سؤال متعلق باستونيا حينها ولم يخطر في بالي
أن أزورها فهي دولة أوروبية شرقية غير معروفة، كان ذلك مع وفد رائع بدعوة من مؤسسة
القدومي المتميزة في دعم برامج بناء الإنسان الفلسطيني ورأس ماله البشري.
استونيا
دولة لا يزيد عدد سكانها حوالي ١.٣ مليون نسمة، مرت بفترات عصيبة واحتلال سويدي وألماني
وروسي ولكنها لم تنقرض وناضلت وسرعان ما تقدمت بمجرد أن تحررت، وقد تمكنت من
مضاعفة دخلها القومي ثمانية أضعاف خلال ما يقارب عشرين سنة. هذه الدولة الصغيرة خرج
من رحمها عشر شركات ينيكورنية أهمها وأشهرها سكايب وبولت ووايز، ولقد وتصدرت استونيا
أوروبا في مقياس جودة التعليم الأبرز في العالم (بيزا) متفوقة على الرائدة فنلندا
التي كانت قدوتهم في مراحلهم التنموية الأولية.
لقد
أحسنت إدارة مؤسسة القدومي باختيارها هذه الدولة لدراسة تجربتها والاستفادة منها. وبحكم
عملي البحثي، تأتي هذه التجربة متوائمة ومكمّلة لتجارب دولية مشابهة اطّلعتُ عليها
عن كثب لدولٍ صغيرة ومتوسطة استطاعت النهوض بسرعة. ولعلّ تشابه الظروف
الديموغرافية والسياسية في مرحلةٍ ما بين فلسطين واستونيا يجعل من التجربة الإستونية
حالةً ملهمة يمكن الاستفادة منها في تطوير برامج تنموية فعّالة في مجال التعليم
والابتكار والرقمنة لتساهم في رفعة وتقدّم وطننا الغالي فلسطين، رغم التحديات
الخارجية والداخلية.
وهنا
أذكر عشر دروس يمكن الاستفادة منها من تجربة استونيا.
1.
ترسيخ ثقافة العمل
الجاد والانفتاح الذهني نحو التعلم والنمو.
2.
تعزيز ثقافة التعاون
بين الحكومة والجامعات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
3.
تمكين القطاع الخاص،
خاصة في مجال التكنولوجيا التعليمية (EdTech).
4.
الاستخدام الفعّال
والشفاف للدعم الأوروبي المالي والمؤسسي.
5.
الاستفادة من التجربة
الفنلندية كنموذج مرجعي وتكييفها مع السياق المحلي.
6.
التركيز على التحول
الرقمي كمحرك أساسي للتنمية الوطنية.
7.
تهيئة بيئة محفزة
للأعمال وتشجيع ريادة الأعمال والابتكار.
8.
الموازنة بين التوجيه
الاستراتيجي المركزي والمبادرات الابتكارية العضوية.
9.
بناء نظام مستدام
للتدريب المستمر والتعليم الشامل للجميع.
10. تطوير
منظومة وطنية متكاملة للابتكار تشمل مراكز العلم وريادة الأعمال.
تعليقات
إرسال تعليق