التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تدمير معادلة الإنتاج

 


يبدو أن ثلة من شياطين الاقتصاد جلسوا سوية مع العسكريين والسياسيين وعلماء الاجتماع ليشربوا نخب انتصارهم من دماء الأبرياء، ويشهدوا تدمير معادلة الإنتاج وعملية الإبادة ليقطعوا بنظرتهم المادية البحتة أي أمل في النهوض.

فها هي الأرض تحفر ليسرق ما فيها من غاز ونفط، وتجرف قطع الزيتون البهية التي تتجاوز أعمارها أعمارهم (الموارد الطبيعية N)، أما رأس المال البشري  (H ) المتمثل بالصحة والتعليم، فالتجويع  يقضي على الأطفال والكبار ومن ينجوا من الأطفال يواجه كارثة في جسده وعقله إلى أجل بعيد، أضف إلى ذلك نسبة الإعاقات الجسدية والنفسية الكبيرة بسبب الحرب. أما التعليم فها هو العام الثالث يدخل دون مدارس ولا دراسة وهو أساس البناء المتين لمستقبل أي أمة ، أما الجامعات وطلابها فمهما حاولوا مشكورين فإن الدمار كبير، ناهيك عن تشريد الكفاءات منذ بداية الحرب وما ندري بعدها وهذه قصة لوحدها، فحب التعليم ثقافة فلسطينية أصيلة  مثل حب الزعتر والزيت والزيتون. أما العمالة (L) فأعداد القادرين على العمل والمساهمة في الإنتاج قد تم تصفية الكثير منهم بالقتل والتشريد وخصوصاً فئة الشباب، عدا عن تعطيل قدراتهم البدنية.

وأخيراً عامل رأس المال (K) المتمثل بالمصانع والمعدات وغيرها من عوامل الإنتاج ذات العلاقة فقد تم تدميرها بجانب البنية التحتية، وبالتالي كيف للمعرفة التكنولوجية (A) أن يكون لها أي تأثير! وحسبنا الله ونعم الوكيل وهو على كل شيء قدير، فهذه تظل معادلة مادية قد تفنى وقد تستحدث، أما روح الفكرة فلن تفنى وهي التي ستدفع الجيل القادم للتعويض ولو بعد حين والحمد لله رب العالمين. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...

سماء الضفدع

سأروي لكم قصة قصيرة تناولتها ثقافات عديدة أهمها وربما أصلها الصينية القديمة، إنها قصة ضفدع البئر لكني سأرويها لكم بصبغة عربية دون تحريف شديد إلا ما أجبرتني عليه خلجاتي وكلماتي فلغتنا العربية الجميلة تأبى إلا أن تجمّل المفردات.   عاش ضفدع طوال حياته في بئر سحيق كان يستمتع بحياته مستلقياً في القاع ينظر للسماء وزرقتها وجمال السحاب وهو يمر مشكلاً لوحات بيضاء سريعة وبطيئة مثل لحظات الحياة. كان هذا عالمه الذي تقوقع فيه وظن أن عيشته لوحده هي الأفضل والأمثل، حتى جاءت سلحفاة وأطلت عليه برأسها الصغير الذي غطى جزءاً كبيراً من الضوء من أعلى فلفتت انتباه الضفدع. قالت السلحفاة : "كيف أنت اليوم أيها الضفدع؟" رد عليها وقد نفخ أوداجه واخضر خضاره وقال: "أنا كما ترين أسبح في هذا الماء الراكد الساكن الهادئ أمتع ناظري في الموج الذي أفتعله على مزاجي وقدر حجمي وعندي من البيوت بعدد الحفر المنتشرة في جوانب البئر، أختبئ فيها من المطر وكلما ارتفع منسوب الماء اعتليت بيتا (حفرة) أعلى. طعامي كما تعلمين حشرات تائهة جذبها الماء الداكن ورائحته المعتقة، تعالي واستمتعي معي لأخبرك عن تجارب...