يأتي رمضان وأخوة لنا يصومون مثلنا ، لكن أجرهم ليسا مثل أجرنا، فهم لا يتسحرون رغم أنهم يعلمون أن "في السحور بركة" لكنهم لا يجدون ! وعند الغروب يفترشون الأرض وفوق كل واحد منهم مسيّرة، "تزن" على لقيمات تبعثرت على مائدة مدمرة، يجلسون ويستذكرون من سبقهم من أهلهم إلى الجنان وكيف كانوا بالأمس معهم في رمضان. يفتقدون جلسة آمنة مريحة بعد الفطور، ويصلون التراويح بجانب المآذن التي تهاوت، وفي صالات المساجد التي أصبح سقفها السماء، وذلك هو حال الأتقياء الأنقياء، اصطفاهم ربنا وأخبر عنهم رسولنا؛ "ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم" ، ويا ويل من خذلهم !
ربنا خلق الدنيا ونزل الكتاب وهزم الأحزاب، ويعلم كل ما حدث ويحدث وسيحدث، فترى العديد من الآيات المناسبة لكل الأحداث وكأنها تتجدد بمعانيها لتناسب ما يمر به الإنسان ليتواصل معنا ربنا " عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ " يعلم الغيب فيرحمنا ويرشدنا ويخبرنا ويسلينا في الشدائد لتطمئن القلوب في ظروف " وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا " وأن الله ليس كما حسبتم " غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ " وأنه إن تعجبتم من امتدادهم وتمددهم فإنه " وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " ومددهم مادي زائل فهو مدد " مِن مَّالٍ وَبَنِينَ "، ثم اذا طغوا وتكالبوا على المؤمنين واجتمعوا عليهم وقيل اخشوهم " فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ "، قصص عديدة ومواقف قديمة لكن غاياتها متكررة لندرك سنة الله " سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا " مرّوا كلهم بظروف صعبة