التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

تدمير معادلة الإنتاج

  يبدو أن ثلة من شياطين الاقتصاد جلسوا سوية مع العسكريين والسياسيين وعلماء الاجتماع ليشربوا نخب انتصارهم من دماء الأبرياء، ويشهدوا تدمير معادلة الإنتاج وعملية الإبادة ليقطعوا بنظرتهم المادية البحتة أي أمل في النهوض. فها هي الأرض تحفر ليسرق ما فيها من غاز ونفط، وتجرف قطع الزيتون البهية التي تتجاوز أعمارها أعمارهم (الموارد الطبيعية N )، أما رأس المال البشري  ( H ) المتمثل بالصحة والتعليم، فالتجويع  يقضي على الأطفال والكبار ومن ينجوا من الأطفال يواجه كارثة في جسده وعقله إلى أجل بعيد، أضف إلى ذلك نسبة الإعاقات الجسدية والنفسية الكبيرة بسبب الحرب. أما التعليم فها هو العام الثالث يدخل دون مدارس ولا دراسة وهو أساس البناء المتين لمستقبل أي أمة ، أما الجامعات وطلابها فمهما حاولوا مشكورين فإن الدمار كبير، ناهيك عن تشريد الكفاءات منذ بداية الحرب وما ندري بعدها وهذه قصة لوحدها، فحب التعليم ثقافة فلسطينية أصيلة  مثل حب الزعتر والزيت والزيتون. أما العمالة ( L ) فأعداد القادرين على العمل والمساهمة في الإنتاج قد تم تصفية الكثير منهم بالقتل والتشريد وخصوصاً فئة الشباب، عدا عن تع...
آخر المشاركات

عندما يتفوق العبد على سيده

  شاهدت معظم الأفلام المرتبطة بمعضلة أحبابنا الأفارقة ومعاناتهم في أمريكا وكثير منها مؤلم جداً وخصوصاً تلك المبنية على قصص حقيقية، أم فيلم Django Unchained فهو تحفة دموية لكنها مبهجة حيث ترى "العبد" جانجو حراً طليقاً يفتك بالمجرمين البيض ومنهم "أسياد" سابقين له وكلهم مطلوبون للعدالة وكان ذلك العمل حينها قانونياً بل وتضع له الحكومة جوائز نقدية. ننتقل إلى المشهد الذي يترقب فيه المشاهد وينتظر اللحظة الرومانسية التي اقترب فيها جانجو من تحرير زوجته بعد أن تحرر وأصبح صديقًا وشريكاً للطبيب الألماني شولتز (لازم يكون الأبيض إله دور إيجابي في هوليوود حتى لو كان أوروبي وهذه مقصودة كمان) الذي قرر مساعدته لتحرير زوجته من العبودية بعد أن عرف أنها تعيش في مزرعة الإقطاعي كاندي الذي يمتلك الكثير من العبيد (اللي بده يحضر الفيلم ما يكمل قراءة!). تسير كل الأمور على ما يرام حتى يلاحظ رئيس الخدم علاقة خفية صعب إخفاءها بين الزوج وزوجته، وقد كان رئيس الخدم ستيفين معروف بولائه الذي لا يعرف الحدود والمصلحة المادية بل ظهر متيماً بسيده وأكثر غلظة منه على سائر العبيد، واكتشف خطة جانجو وا...

ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟

ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟ غَفَتْ عُيُونُنا، وخافَتْ أحلامُنا مِن نَظْرَةِ الأطفالِ ! مِن جُوعِهِمْ وشِبَعِنا مِن بَرْدِهِمْ ودِفْئِنا مِن عِزِّهِمْ وذُلِّنا ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟ عن أُمَّةٍ مَهْزُومَةٍ مَهْزُوزَةٍ قَدْ رَجَّها زِلزالٌ خابَ الرَّجاءُ بِعِزِّها وبِحَجْمِها، وكأنَّها عَقَرَتْ عن خِلْفَةِ الأبطالِ ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟ عن مَنْ تَحَلَّقَ يَلْحَظُ انتِزاعَ الرُّوحِ على الهَواءِ أو مَنْ تَجَهَّمَ وَجْهُهُ خَوْفًا أنْ تَفْسَدَ القَهْوَةُ بلَوْنِ الدِّماءِ أو مَنْ دَسَّ السُّمَّ ثُمَّ اسْتَنْكَرَ الأفعالَ ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟ عن زَمَنٍ عَزَّ فيهِ الرِّجالُ ودَفَنوا رُؤوسَهُم في الرِّمالِ رَغْمَ عِلْمِهِمْ بأنَّ يَوْمَهُم آتٍ لا مَحالَ ماذا سنُخْبِرُ الأجيالَ؟

ظاهرة الحراك الطلابيّ الغربي

  عندما ترى "الأخ" صامتاً أو مطنشاً أو متآمرًا فمن الطبيعي أن تتفاعل وتحتفي، بينما الكل يختفي، بأي تحرك وصوت ومن أي جهة ولو كان بمقدار دبيب النمل، ولذلك ترى هذه الحفاوة بالحراك الطلابيّ في الغرب رغم أنه عمل بسيط، رغم أن البعض (وأنا منهم لا يعتبره بسيط اطلاقاً)، فالعمل الرمزي أحياناً أشد مضاضة من وقع الحسام المهند، فهذا الحراك مركزه عاصمة الرأسمالية العالمية، صحيح أن الشرارة كانت بسيطة لكن تفاعلها واشتعالها لم يكن ليحدث لولا وجود مواد قابلة للاشتعال تراكمت شبابياً بسبب الحياة الغربية التي غربتهم بأزماتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ونفاقها وظلمها المحلي وتاريخها الاستعماري الخارجي، فأصبحت شريحة من الشباب النقي ومن صادقهم ممن أصولهم من المهاجرين ترى الظلم بشكل أوضح وأمست تنقم على هذا النظام الزائف الظالم وربما وجدت ضالتها في قضية فلسطين كقضية أخلاقية ونموذجاً كاشفاً لزيف مادية هذا النظام الذي لا يحترم إلا القوي فخرجت تعبر عن نفسها قبل غيرها … ربما !  أما نحن فنقول أننا نعلم يقيناً أن ذلك ليس غريباً، ففلسطين هي البوصلة، ومن أراد الإبحار نحو الحرية لابد أن يتبع ا...

الطيبون الصامتون

أثناء عودتي من لندن ليلة أمس في الطائرة لفت انتباهي فيلم بعنوان The Penguin Lessons مبني على قصة حقيقة متعلقة بمعلم في مدرسة وهذه ربما أفضل توليفة لفيلم يمكن أن يشدني لأترك كتابي أو "سودوكتي" في الطائرة، فأنا مازلت مولعاً بالتعلم والتعليم رغم ابتعادي عن الثانية لسنوات. لن أحرق أحداثه لمن أراد أن يشاهده! لكن سأشارككم دون تعليق بمقطع بسيط ترجمته بتصرف وأنا أتأمل أحداث اليوم وما يحصل من تجويع فظيع في قطاعنا الحبيب.    يبدأ الحوار بين عاملة النظافة صوفيا والناشطة الاشتراكية ضد الديكتاتورية الفاشية التي قادت انقلاباً عسكرياً في الأرجنتين في السبعينات مع معلم المدرسة الإنجليزي توم؛  أحيانًا في الحياة يا صوفيا، لا تسير الأمور كما تريدين، فتضطرين إلى اتخاذ إجراءات غير مثالية. صوفيا: يجب أن تكون متحدثًا باسم الجيش. توم:  للعلم، أنا أكره الفاشية.  صوفيا: حقًا؟ لم أرك في أي مسيرة مؤخرًا. توم: لأني معلم، وهذه ليست بلدي. صوفيا: وأنت سعيد بالعمل وجني المال من هذا البلد.  توم: تعلمتُ أن أُخفي ذلك (أشار إلى أنفه)، واغلق هذا (أشار إلى فمه) وهذ...

كابوس الانتصار

وبعد سنوات طويلة من النضال الذي لم تطلق فيه رصاصة على الاحتلال بينما استمر التجبر والاستبداد بأهل البلد، قرر القائد المغوار والدكتاتور الغدار أن يخوض حرب تحرير هضبته والأرض المقدسة كلها حتى يرفرف العلمان عليها كما رفرفا على أرضه لسنوات، سنوات طويلة كرست دولته مواردها لبناء جيش عظيم استعداداً لذلك اليوم العظيم، اليوم الذي كان حلماً لأبيه وها هو اليوم على أعتاب تحقيق حلم أبيه "الخالد" لعله يخلد اسمه فيه.    بدأت المعركة واستبشر أهل الارض المقدسة وفرحوا أنه لم يخيب ظنهم ليس كما شكك الكثير به وبأبيه، نعم لقد خاب ظنكم يا من تدعون الحرية وتعتقدون أن "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، فها هو حفيد الأيوبيين وقاهر الصليبين وأبو الكونفوشيين بعث (بضم الباء) من جديد. وحتى لا نخوض في تفاصيل المعركة الكبرى دعونا ننتقل بسرعة   fast-forward كما يقول الإنجليز، إلى الدولة الجديدة التي تم تحريرها وترأسها  الملك (ملك الغابة) وتم تطبيق نظام دولته الأولى التعسفي على تراب الأراضي المقدسة، حينها استيقظ أهلها على كابوس مريع، وترنح من أحبه وقدّسه وكأنهم سكارى وما هم بسكارى، وتجلت صور أقرانهم...

حلم "السبايك"

الصورة المرفقة ليست توضيحية بل حلم راودني وأنا في الصف الثامن عندما كنت ألعب في فريق المدرسة (لاعب احتياط) كمُعِد أو ما يسمى "رفّيع"، وكان ممنوع علينا نحن المعدون الصغار أن نشغل مكان العملاق "الكبيس" الذي يقوم بالهجوم من خلال السبايك (الضربة الساحقة).  تاه الحلم وتحولنا إلى رياضات أخرى مثل كرة القدم وكرة السلة وتنس الطاولة والتنس الأرضي وغيرها من الألعاب، ومرت السنين وكبرنا ولكن ظل في بالي تخيل شعور "الكبيس"! وهل سيكون ولو بعد حين؟ وها قد حصل ونحن في سن الأربعين بفضل زيادة قليلة من السنتمترات خلال كل تلك السنوات وكثير من الإصرار والتدريب والجلسات، لتنسيق الحركات الدماغية والبدنية لضبط التناغم بينهما، لكن الأهم كان رعاية بذرة الفضول وتخيل الشعور وأنت تطير في الهواء تنتظر وصول الكرة في التوقيت المناسب وتفرد يدك لتصفع الكرة وتنزع من قلبك غل هموم الأسبوع وتترك هرمونات السعادة تتراقص طرباً مع حبات العرق وهي تقفز من جبينك وأنت تهبط إلى الأرض وأنت ترى الكرة تستقر على الأرض أو تسمع صوت ارتدادها بين الأيادي.  أحياناً لا تسعفنا أجسامنا وربما مهاراتنا الذهنية والجسمي...