يستمتع الفلسطينيون في هذا الوقت من العام بموسم احتفالي مفعم بالبهجة والسرور. تتجمع العائلات والأصدقاء في قرى الضفة الغربية تحت أشجار الزيتون لقطف زيتونهم المبارك الثمين. فشجرة الزيتون ليست مجرد شجرة بل رمزًا مباركاً للحياة الفلسطينية عبر الأجيال، ولم يكن العائد الاقتصادي يومًا، على أهميته، همّ المزارعين وأهل الزيتون بل أن يظل شجرهم يظلهم بظله إلى يوم الدين.
يعتبر هذا العام من المواسم الزيتونية الشحيحة من حيث الإنتاج المتوقع، وفقًا للمزارعين المحليين. ومع ذلك، يشعر الناس بالحماسة والسعادة مهما تحصلوا من ثمار، وقد اعتادوا على عدم انتظام ناتج محاصيل الزيتون. إلا أن الضرر الأكبر والهمّ الأوحد، هو جرثومة المستوطنين المستعمرين، ورغم قلة عددهم لكنهم منتشرون في كل مكان، بحماية جنود الاحتلال الإسرائيلي، يضايقون الفلسطينيين ويمنعونهم من قطف الزيتون في مزارعهم. أسمع على الإذاعات المحلية قصصًا قاسية يوميًا عن معاناة العائلات الفلسطينية التي طُردت من أراضيها وتعرضت للضرب بينما كانت تهم في قطاف زيتونها، حتى جداتنا المحبات لم يسلمن من العنف. ولقد تجاوز اسفزازهم سرقة المحاصيل إلى سرقة الأجواء الاحتفالية، محاولين تقليد الطقوس الفلسطينية دون خجل، فقط لإغضاب الأهالي الذين ينظرون إليهم من بعيد.
في كثير من الأحيان، يُقتلعون ويحرقون أشجار الزيتون. فأقف أمام ذلك المشهد مشدوهًا وأتساءل: كيف لإنسان أن يقوم بهذا الفعل؟ أتساءل احيانًا: هل لأن العديد من الأشجار أقدم من عمر دولتهم ؟أو على الأقل أين الهيئات البيئية الدولية من هذه الأنشطة الحقيرة والمناهضة للبيئة؟(يعني إذا مش خايفين على البشر خافوا على الشجر!)
هذه الأعمال العدوانية ليست عشوائية، بل هي جزء من الاستعمار الاستيطاني الذي يهدف إلى تغيير ديموغرافيا المنطقة سعياً للقضاء على الفلسطينيين في نهاية المطاف، تماماً كما يحدث في غزة. لكن الفرق أن الامر يحدث تدريجياً في الضفة الغربية، شيئاً فشيئاً، يسرقون زيتوننا وحياتنا.

تعليقات
إرسال تعليق