التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في مديح البطء

 



في كتاب  In Praise of Slow  "في مديح البطء"  يتحدث كارل هونور عن تغير الحياة وكيف أصبح كل شيء سريع، وأصبح البطء مذموم، ويحثنا أننا أحيانا بحاجة إلى أن نتمهل قليلاً ونعيش اللحظة. فصّل الكتاب مجالات عديدة ضمن فصوله لكن كارل كغيره من المؤلفين يحاول دائماً تجنب الحديث عن الدين (ما بعرف ليش بس بحس معظم الكتاب الغربيين يستحوا او يخافوا أو بجاملوا الملحدين؛ مجرد شعور وممكن اكون غلطان). 

رتم هذه الحياة السريعة دخل علينا من كل باب، وما زال يزداد، في العمل وفي البيت وفي كل مكان،  ومع مواقع التواصل الاجتماعي وظهور الرييل والشورت (شورت اليوتيوب وليس البنطال القصير)، سيصبح الناس سكارى وما هم بسكارى. ليس مقام 
 هذا المقال لكن يجب الانتباه لمدى كارثيته علينا وخصوصاً الاطفال من الناحية الذهنية والنفسية و ربما لا نحتاج الانتظار لنتائج الأبحاث ذات العلاقة. 

إذن أصبحنا نعيش بسرعة، ونطالب دائما الانتهاء من كل شيء بسرعة، يقول ارسن فينجر مدرب آرسنال السابق انه في المستقبل لن يستطيع الناس تحمل مشاهدة المباريات كاملة بل لقطات فقط!  
حتى الأذان والإقامة وما بينهما والصلاة والخطبة نريد اختصار اوقاتها لنعود لمعركة الحياة بسرعة (حتى لو يوم الجمعة الكل مستعجل، كأن المقلوبة أو المنسف أو المجبوس لن تنتظر). 
أعتقد أنه لو حتى رفضنا مفهوم البطء الذي يدعو له كارل بشكلٍ عام (أنا شخصيًا أحببته كثيرًا)، حري بنا أن نتبناه في عباداتنا، وهذه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم. فقراءة القرآن بحاجة إلى تروي وتدبر وتأمل، وكذلك الصلاة  وسائر العبادات والطاعات، ولو أننا تمهلنا حتى في كلمات الآذان الذي نسمعه كل يوم ٥ مرات لوجدنا فيها حلاوة كبيرة وسلام. 
الله أكبر الله أكبر 
حي على الصلاة 
حي على الفلاح 

قد لا نستطيع فعل ذلك دائمًا لكن حري بنا أن نحاول ما استطعنا. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، &q

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان، لا فتور ولا كسل، صدق وأمل واخلاص وعمل.