التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لا تفعل شيئاً Do nothing

Getty image


نحن مجبولون على التحرك ورد الفعل بمثله أو أكثر ، ربما بسبب امتزاجنا مع الطبيعة والفيزياء وقوانينها النيوتينية . فترى الطفل يرد الابتسامة بابتسامة والبالغ يسبق الإهانة بإهانة وإن كظمنا غيظنا ولم نتحرك قد يلازمنا الندم بعدها او نلام أننا لم نتحرك ونفعل شيئاً !
كل الأحداث التي تجري حولنا هي محفزات تنتظر منا عمل شيء تجاهها أو تجاهلها ، وغالباً لا يتم تجاهلها ربما لنثبت لأنفسنا أننا موجودون ولنا رأينا وسطوتنا وحظنا من الوجود والتأثير كغيرنا ممن لا يهدأ لسانه ولا تنام جوارحه ! هذه الظاهرة توصف علمياً بالتحيز لإتخاذ إجراء Action bias 
وبما أنا طالعين من أجواء كأس العالم  أذكر هنا دراسة في مجال كرة القدم حللت فيها 286 ضربة جزاء في مسابقات عالمية و بينت أن أفضل استراتيجية لحارس المرمى هي الوقوف في الوسط واتنظار الكرة بدل الإرتماء إلى الجانب الأيمن أو الأيسر ، لكن الذي يحدث في الغالب العكس !
لماذا؟
تفسير هذه الظاهرة يكمن في أنه في حال تسجيل هدف سيشعر حارس المرمى بالسوء ولوم نفسه بالتقاعس (بسبب البقاء في مركز المرمى) بدلاً من القيام بشيء كالقفز باتجاه معين ، ولو كان على غير هدى !
إذن ما العمل ؟
أحياناً العمل هو أن لا نعمل شيء ولا نرد الصاع صاعين كما يقال ، ونتصرف بمسؤولية ونتخذ قراراتنا هوينى ونأخذ بعين الإعتبار أن عمل لا شيء Do nothing هو أحد الخيارات وهو بحد ذاته إجراء من شأنه أن يؤدي إلى نتائج إيجابية بل قد يكون أفضل قرار ، سواءً كان ذلك قراراً استثمارياً أو إدارياً أو عائلياً أو شخصياً ! لأن هذا القرار في بعض الأحيان يعطينا فرصة للإنتظار والحصول على معلومات إضافية نبني عليها قرارت جديدة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، &q

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان، لا فتور ولا كسل، صدق وأمل واخلاص وعمل.