التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فرصة رائعة حتى نعمل "ديتوكس"

فرصة رائعة حتى نعمل "ديتوكس" 



الفترة الحالية موضوع "الديتوكس" detox يلقى اهتماماً  كبيراً وخصوصاً أن الطعام لم يعد أحد أسباب النجاة واستمرار الحياة كما كان سابقاً (الا في الدول المعدمة طبعا) فقد اصبح على العكس مسرطناً ومسبباً لكثير من الأمراض ، لان العالم اصبح يعيش ليأكل بدلا ما كان يأكل ليعيش ، فصار التفنن في الطعام والغذاء صناعة وانتشرت الألوان والسكريات والحلويات ، طبيعي وصناعي وصيفي وشتوي ، وصار المظهر اهم من الجوهر ، فترمي الشركات الكبيرة  العديد من الفواكه والخضار مثلا بسبب عدم جمالية شكلها وتصرف الكثير على الورق والبلاستيك من اجل التغليف وغيرها من المكملات ، وذلك كله يؤدي الى الهدر والإسراف. وكردة فعل بدأت حركات وعادات جديدة تشجع على الاكل الصحي والاقتصاد في الطعام وغيره من المبادرات البيئية. 

وكما هو الحال في الطعام وهو اهم احتياجات الانسان ، وصل موضوع التواصل الاجتماعي الى حد البذخ والإسراف عند البعض ، حيث تمادى الانسان وانتقل من مرحلة تلبية احتياجاته النفسية للتواصل مع الآخرين والعمل في جماعات ، الى العيش بانغماس شديد في عالم افتراضي ، حيث التواصل الاجتماعي لم يعد مكاني بل حل البعيد مكان القريب والغريب مكان القريب ، فاختلت المعادلة من جديد وأصبح التواصل الاجتماعي احد أسباب الأمراض النفسية وحتى البدنية ، كل ذلك بسبب تجاوز الحد الطبيعي لملائمة الاحتياجات الطبيعية الفطرية ، كما حدث في موضوع الطعام.  

رمضان فرصة ثمينة حتى نعمل ديتوكس ونعدل البوصلة فنرقى بأجسامنا وارواحنا ونشعر بالأخرين ونتذكر المعدومين  فنزهد وننفق ونساعد الفقراء والمساكين ، وفرصة أيضا ان نعمل ديتوكس من نوع اخر فنصوم عن مواقع التواصل نهاراً او ليلاً او بعض ليل !

مواقع التواصل أصبحت جزءاً من حياتنا ولها أهمية كبيرة لمن يحسن استغلالها ، ولكن اذا لم نقم بإدارتها قامت هي باستغلالنا ، ونحن في غنى عن ذلك في هذا الشهر الفضيل. 

لقد قمت بحذف تطبيق الفيسبوك العام الماضي خلال شهر رمضان وكانت تجربة رائعة وخصوصاً ان الماسنجر اصبح منفصلا فلن تنقطع عن الرسائل الخاصة . هذه المبادرة ستعزز السكينة والطمأنينة في البيت وستستمع برمضان اكثر حيث ستجد وقتاً أكثر مع القرآن وخصوصاً اذا جعلتم ورداً منفصلا للتدبر والفهم من خلال قراءة التفاسير والاستمتاع بجمال اللغة والإعجاز ، ومهما قرأته فلن تمل من عجائبه وستظل تكتشف وتتعلم ، وسيكون هناك وقت أسعد مع العائلة ، ويمكننا ان نغوص في الكتب او الكندل ونستمتع  في القراءة والكتابة من خواطر ومقالات يمكن نشرها بعد رمضان. 

رمضان مبارك وكل عام وأنتم بخير ، ونراكم اصدقائي الفيسبوكيين بعد رمضان بإذن الله :)  

اخوكم حسام عرمان
٢٦-٥-٢٠١٧

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

إذا هبت رياحك فاغتنمها

تمر علينا نفحات روحانية ونفسية وجسدية تمثل فرصاً للارتقاء والنقاء، ولأن القلوب تتقلب، التقطها كلما حانت واستمتع بها في لحظتها ولا تنتظر اللحظات القادمة وتخطط لها، فالعفوية طعمها أجمل.  إذا سمعت تلاوة جميلة ورقّ قلبك لا تغير المحطة وابحث عن اسم القارئ، شعرت بالمحتاجين وأنت تشاهد وثائقي تبرع عبر موبايلك مباشرة، طلب أبناءك أن تلعب معهم اترك ما في يدك (خصوصًا الموبايل) والعب معهم، تذكرت أنك لم تزر أهلك من مدة اذهب وصل رحمك أو حتى اتصل عليهم، عزمك أصدقاءك على لعبة كرة أو مشوار رياضي انطلق، سمعت بنشاط عائلي إبداعي اشتر تذكرة وفرح أبناءك، رأيت مهموماً شارد الذهن، تقدم إليه وواسيه لعلك تخفف عنه، فرصة للسفر ومغامرة مثيرة احجز أونلاين ، التقيت بشخص مميز تقدم وسلم عليه وتعرف عليه.   هذه أمثلة بسيطة لمواقف يومية عديدة تحتاج منا الإنصات والتربص باللحظات. فالحياة مثل الخفقات تصعد ثم تنزل، تتحرك ثم تسكن، وكما قال الإمام الشافعي المبدع (إن صح عنه): إذا هبت رياحك فاغتنمها         فعقبى كل خافقة سكون      ولا تغفل عن الإحسان فيها...