التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أصغر رئيس في تاريخ فرنسا


قصة ماكرون الذي أصبح رئيساً عن عمر يناهز 39 سنة تبدو كالمعجزة في مقاييسنا العربية الحديثة، فبينما كان رئيس كندا يطل علينا كل حين بأناقته وشبابه فيستفزنا وأحيانا يحفزنا، خرج علينا اليوم رئيس جديد بنفس الطلة البهية، لكن هذا الرئيس بدا لي هذا الصباح أن نجاحه وصعوده الصاروخي في السياسة عجيب وغير مألوف حتى "عندهم" ! لكني بحثت اليوم عنه سريعاً واستنتجت أنه ليس بالمفاجأة الكبيرة لمن كان يتابعه، فماكرون كان وزيراً للاقتصاد في دولة عظمى عام 2014 (يعني كان عمره 36 سنة) بعد أن خدم سنتين كمستشار اقتصادي لرئيس الدولة (يعني كان عمره 34 سنة) ، وكان قبلها مقرراً للجنة اقتصادية وطنية (كان عمره 30 سنة) !
باختصار المعادلة البسيطة لهذه القصة، أنه كان طفل مميز منذ نعومة أظافره أيام المدرسة، التحق بمؤسسة أكاديمية عريقة وأشرف عليه أستاذ عبقري وكان من الطلبة الاوائل والمتفوقين وتمتع بشخصية كاريزماتية جذبت إليه الأكاديمين والسياسين المخضرمين بل حتى أصحاب المال والاعمال ، فاحتضنوه ودعموه بعد أن وجدوه نواة لشخص متفوق ونهضوي يحمل رؤية ثاقبة ، لكن ماكرون لم يرض بالواقع (وربما له أجنداته ومطامعه الشخصية ، وهذا طبيعي) فأراد عمل هزة كبيرة وتأثير أكبر مستغلا مهاراته وواثق بنفسه وخصوصاً عندما لاحظ فجوة سياسية ورغبة شعبية (أو كما اتهموه "شعبوية") في تنمية وطنية اقتصادية واجتماعية كان قد بدأها عندما كان في اللجينة الوطنية ، فأسس حركته حسب رؤيته لتكون منصة للوصول الى كرسي الرئاسة ووصل بعد عام ! صحيح انه ابن النظام وزميل النخب لكنهم اعتبروه بعدها متمرداً، أما هو فقناعته بنفسه أنه مستقل لا تابع ولا مهادن كما تعود في صغره ، يعرف ما يريد وهدفه واضح وصريح وذكي، اختار خيارا ثالثا ونجح في تحقيق حلمه وتحققت نبوؤته عندما قال لمناصريه في أحد الخطابات الحركية :" هذه الحركة لن يوقفها شيء، سنستمر حتى 2017 وحتى النصر" (لاحظوا كلمة "حتى النصر" قالها مرة واحدة :)
---
على الهامش بالعامية:
 لو كان ماكرون عنا ، كان قاعد اليوم ببيع معكرونة في دكانته وبخسر، والناس لساتهم بعيروه ولوك لوك لوك في قصة زواجه من إمرأة تكبره ربع قرن 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، &q

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان، لا فتور ولا كسل، صدق وأمل واخلاص وعمل.