تتلاطم
بنا امواج الظلام وتأخذنا إلى عالم أظلم فأظلم وتأخذ معها السفن العربية الراسية
في بحر العرب وبره، وتهب الريح لترسل معها زواحف جهنمية تحرق الأخضر واليابس، نتهم
الشمال والغرب حينا ونطلب مساعدته أحيانا لينقذنا من أنفسنا وعاهاتنا وعنصريتنا
التي تشدنا اليوم في اسوء صورها.
نستظل
اليوم بعنصرية تعددت مستوياتها وتعريفاتها المرتبطة بالجغرافيا أو التاريخ أو الدين
أو المذهب أو الطائفة ويمكن أن تعدد وتقسم لتكتب لائحة طويلة. تغيرت أمم كثيرة
فهمت التعدد بإيجابية وليس بعنصرية، حيث ان الأصل التعارف وليس حساب الأمم وتوزيع
علامات لدرجات الايمان والكفر وصكوك الجنة والنار فالتقوى عند الله " يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".
نشهد
اليوم تجاذبات وتعصبات يأججها المتشددين في الجانبين أو الجوانب ومن ورائهم (الله
أعلم)، فيتبعهم المتعلمون والمثقفون قبل العوام ينظرون ويغلون ويثرون نقاشات تذوب فيها
الاخلاق (التي قد تكون أصلا نظرية) وتتقلص الرؤية لتقتصر على الفئوية العنصرية
العصرية العربية، حددناها اليوم بالعربية وليست الأمم الاسلامية فهناك ماليزيا وتركيا
وغيرها ممن نزع الثوب الثالث وقرر أن يتقدم.
تسلل
اليأس إلي وبدأت أتمنى أن تنقسم والبلاد وتتقسم إلى جماعات بالمئات ما دام ذلك حلا
لحقن الدماء وبذلك نكون تخطينا سايكس-بيكو بأميال، لكني التقيت بأحد الزملاء من
يومين وكان ممن تعامل في مرحلة مع الرئيس السابق لماليزيا وكيف خلق من مجتمع ضعيف
متكون من طوائف مختلفة تحولوا إلى فريق واحد ينتفض باتجاه ثورة اقتصادية نشلتهم
جميعا في مركب واحد وجعل لهم شأناً بين الأمم. ذكر صديقي خلال دراسته للتجربة
الماليزية أن مهاتير قام بعمل استقصاء اجتماعي تعرف فيه على كل الأمور الحساسة لدى
مختلف الفئات وجعلها خطوطاً حمراء ضمنه الدستور فيما بعد ليحترم الجميع عادات
وعبادات وعقائد الآخرين. ثم انطلقوا جميعا بقيادة الملهم الفذ الذي وأد فيهم
العنصرية واستأصلها من قلوبهم برغبتهم فتركوها لأنه علمهم كما تعلم أنها "منتنة"،
وكان ذلك كجزء مهم من معادلته المميزة في معالجة التحديات في طريق التغيير الحضاري
للبلاد.
تعليقات
إرسال تعليق