التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الفضول الحميد


الفضول الحميد

تعودنا ان الفضول مذموم وداء محموم ، واعذرنني فقد ارتبط بحواديت النساء كثيرا (رغم تصدر الرجال احيانا) فتدور أحاديث مثل ( ابصر شو طبخت اليوم ؟ سمعت انها حامل ولا لسه يا حرام ؟ ولد؟ ولا بنت يا حرام؟ 

لا اعتقد ان اي منا يحب الفضولي وطباعه ، فهو يحب ان يعرف كل شيء وبعضهم اذا أصابتك ضراء سُر و شكر  ، واذا أصابتك سراء ضجر. قد يجير كل الوسائل ويستخدم كل الأساليب الاستخباراتية والمصادر المتعددة للوصول للخبر اليقين ، وكأنه سبق صحفي ، واذا سألته ! (مش عارف ، بقولوا ، هيك أسمعت ، ما بحب اسأل واتدخل:) عاد صارلو اسبوع ببحبش ومش نايم). الفضول المذكور هذا ليس حكرا على ملة دون غيرها ، لكني بخبرتي المتواضعة مع مختلف الملل وجدته بيننا اكثر. 

تأملت في الفضول كعملة لوجهين فيمكن ان يكون بمفهومين مختلفين تبعا للثقافة. والوجه  المهمل الذي ساذكره في هذه الخاطرة هو الفضول "الحميد"  ، ذلك الفضول الذي كان وراء القفزات العلمية والتكنولوجية الهائلة و قفزة فيليبس الحقيقية مثال جميل و على ذلك دليل.

 انه ثقافة حب الاستكشاف والاكتشاف وإيجاد الإجابات لمعضلات الحياة وأمراضها الحسية والنفسية  ، تعليل الفرضيات الرياضية والإبحار في النظريات الفيزيائية (انظر تجربة الbig bang وكيف جنّدوا لها). هذا الفضول هو احد محركات البحث ومحفزاته ، فهو الخطوة الاولى على طريق الإبداع والابتكار وإخراج التكنولوجيا والمنتجات الي حيز الوجود ، فلولا الفضول ما فكرنا وتفكرنا بالحلول. 

بعض الناس يعيش ولا يهمه ان يعرف شيء من حوله ، فالأمور عنده كصندوق اسود ، له منه ما يخرج جاهزا فقط ولا يسال او يتأمل كيف خرج وما كانت مدخلاته ؟ مم صنع؟ ما هو مبدأ عمله؟ لماذا وكيف؟ تأمل حولك الان وانت تقرأ هذا ، الابتوب أمامك ، موبايلك، قميصك ، ساعتك، شبشبك (اذا مش خليلي طبعا) ؟ معظمها ليست من صنعنا او تصميمنا (وهو الأهم) ! اتساءل ، لماذا ؟ هل لأننا نشأنا ضمن منظومة وأمة مستهلكة؟ ام ماذا ؟ انا اعرف انك تملك اجابات عديدة لكني ساركز اليوم على واحدة.  

 اعتقد اننا نولد بفطرة مجبولة على الإبداع ، بذورنا تحب الإبداع ولو تم رعايتها لنبتت وربت، والدليل ان العقول الشرقية أبدعت في الغرب حين ترعرعت. وان تأتي متأخرا خير من ان لأتي أبداً ، لذلك اقول لا بد ان نبدأ الان . كبار وصغار ، فلنتعلم حب الفضول الحميد من جديد ، ولنوظفه في حياتنا كلها ولنشجع أبناءنا عليه ، فالأطفال طبعهم يساعدهم اصلا ، فلنكمل معهم المشوار ولا نقمع أسئلتهم، و سنتعلم اكثر. 

 هيا بنا نبدع ونحرك خلايا ادمغتنا النائمة  اكثر ولننفض عن انفسنا غبار الجهل والاتكالية ولننتج معرفة تصدع ، ننفع بها انفسنا والبشرية اجمع ، هكذا كان أجدادنا ، علموا العلوم و سمّوا كثيرا من النجوم  (حسب تقرير للbbc) ، لأنهم " ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " . 

ارجوا ان تصل دعوتي إليكم وتكونون أوعى من مبلغ ، وأختم بقول أينشتاين 
I have no special talent. I am only passionately curious.

حسام عرمان 
24/02/2013

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

أثر الشاشة (تلفاز، موبايل، آيباد) على الأطفال – دراسات

  -           زيادة وقت الشاشة   يؤدي إلى انخفاض النشاط البدني وزيادة مؤشر كتلة الجسم وتقليل الوجبات العائلية معًا وقلة النوم عند الأطفال -           لا يستفيد الأطفال دون سن الثانية بشكل عام على الإطلاق من أي محتوى يعرض على الشاشة حتى البرامج المفيدة (فوق سنتين فقط يصبح مفيد) -           يمكن للأطفال تعلم كلمة جديدة بشكل أفضل شخصيًا أو عبر مكالمة فيديو تفاعلية، مقارنة بمشاهدة نفس الكلمة التي يتم نطقها بشكل سلبي على الشاشة. -           أدمغة الأطفال الصغار تتطور بسرعة، ويظل التفاعل مع الوالدين أمرًا بالغ الأهمية لتعلمهم. -           الكثير من وقت الشاشة يمكن أن يؤثر سلبياً على فهمه لعالمنا ثلاثي الأبعاد وتقليل الخيال الإبداعي -           استخدام وقت الشاشة للأطفال في سن المدرسة يقلل من مهارات الصور الذهنية   المصدر: صفحة المستقبل - بي بي سي

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016 رغم أني عادة لا أتابع ألعاب الاولمبياد بشكل عام (عد ا  كرة القدم طبعا)، لكن هذه السنة تابعت بعض الألعاب و الأخبار المتفرقة من ريو 2016 ، قصص مؤثرة و حكايا متنوعة و مثيرة. فها هي البرزيلية السمراء الجميلة رافيايل سيلفا القادمة من المخيمات المجاورة تحصد الميدالية    الذهبية بعد أن كادت تتحطم نفسيتها قبل انهيار بدنها و ربما وظيفتها أمام سيل الانتقادات في الاولمبياد الماضي عندما فشلت فشلا ذريعا ، و وصفها بهمجية عنصرية بغيضة بعض الجماهير بالقردة مستهزئين بلون بشرتها و أدائها. لم تفتح رافايل كمبيوترها حينها خوفا من أن تنهار عند قراءتها التعليقات لكنها تمالكت نفسها وعادت بعد أربع سنوات وقالت لهم "  The monkey came out of the cage in London and became champion in Rio de Janeiro " أي خرجت القردة من القفص في لندن و أصبحت بطلة في ريو. أما قصة جوزيف سكولنج السعيد القادم من دولة صغيرة عظيمة هي سنفافورة ، يأتي هذا الصغير صاحب الحلم الكبير لينتقل بنا من صورة له مع قدوته في الرياضة السباح العملاق فيلبس قبل ثمانية سنوات عندما كان عمره حينها ثلاثة