التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أسطورة الصمود



يقول المثل الانجليزي A hungry man is an angry man، يعني الرجل الجائع غضبان ، وهذا إنذار اجتماعي للخطر المترتب عليه ، وفِي تراثنا كلام مشابه في قول عمر" لو كان الفقر رجلاً لقتلته" ، وبالعامية "الجوع كافر"، ولقد بينت الدراسات زيادة الجريمة بشكل كبير بسبب البطالة حسب ما ذكر بروفيسور كين روبنسون في معرض حديثه عن الخلل في التعليم للتوظيف ومن ضمنهم ممن يحملون شهادات اكثر من اللازم  overqualified. 
وهنا نشهد معجزة إنسانية وشعب عظيم كسر قواعد الصمود بكل عزة ، إنهم أهل غزة ، هذا العالم الصغير والسجن الكبير المنسي وكأنه يعيش حياة طبيعية ولا يتذكره العالم إلا عندما يتساقط شبابه كأوراق الخريف وتتصدر أرقامهم نشرات أخبار الحروب ، ما زال متماسكاً ومثابراً وصابراً صبراً جميلاً يسطر دروساً عملية لعظمة الشعب الفلسطيني مهما ساءت الظروف.  
 أذكر قبل فترة شاهدت فيديو لشاب من غزة في عمر الورد ، خريج لكنه عاطل عن العمل وكان يصيح في الشارع بحرقة ليس بسبب الفقر والمال بقدر حرصه أن يكون له بصمة ويستثمر طاقته (كما ذكر) المتفجرة بما هو مفيد ! ولكن الى متى سيستمر الصمود ! وخصوصاً أن الوضع يزداد سوء وهاجس الخوف من حرب ودمار في أي وقت يحوم كالغربان فوق رؤوسهم ! 
شباب غزة بحاجة الى أمل قبل العمل ، وأطفال غزة بحاجة الى متنفس ومستقبل سوي يتطلعون اليه مثل باقي الأطفال بعيد عن الرعب والأمراض النفسية التي انتشرت بشكل رهيب بين ركام الدمار كما ذكر أحد الاخصائيين لإذاعة بي بي سي مؤخراً !   

لن ينسى أطفال غزة كيف تعامل العالم معهم وخذلهم وحرمهم وأهليهم من ابسط حقوقهم للعيش في كرامة وأمان  ! 

اللهم انا نسألك أن تربط على بقلوبهم وترفع عنهم البلاء والشدة وتفرح عنهم آمين 

تعليقات

  1. قدحت لي شرارة لتطوير الفكر و الشعار الذي اطرحة اولا في قسم MIS " التعلم من اجل الرياده و ليس من اجل الشهادة" ومن ثم ليتم التعميم على جامعة ... اذا كتب الله لي ان ارفع الوعي باهميتة الى قدر يمكن ان يتم تبنية و تعميمة... وان يلهمنا جميعا سلامة و حسن التطبيق.

    كان التعلم من اجل الشهادة او التعليم من اجل التوظيف وجهان لعملة و احدة
    We need collaborative learning, with lots of reflections - contemplation - critiques


    شكرا

    ردحذف
  2. I couldn’t agree more, thanks my friend

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، &q

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان، لا فتور ولا كسل، صدق وأمل واخلاص وعمل.