توجه إلى المطبخ لا طمعاً كالعادة في طعام ولكن
لإعداد الطعام! استعد ونوى أن يكون الآن "شيفاً" يدير مطعماً بثلاث
نجمات ميشلان! بالحب تسلح وبالإيمان، وصدق ليصدقه الطعام، بدأ العمل فانبعثت في
الروح الكلمات الحلوة والأنغام، وبدت وكأنها ترقص على رائحة التوابل وهي
تنظر في غرام، وتشكر نعم الحنان المنان.
بدأ الألم مع تقطيع البصل واشتعلت النيران على
القدور وفِي الصدور، لكنه صبر وسلّى نفسه متسلحاً بالأمل في رؤية
نهاية سعيدة يشعل فيها الشموع وينسى فيها ما تسبب به البصل من دموع.
في كل مرة يطهو هذا
الهاوي تحن نفسه للإبداع فترتجف اليدين وتتفتح العينين مع كل فكرة جديدة أو حركة غريبة،
فها هو يستخدم مكوّناً غير مألوف ليسد مكان مكوِّن مفقود لم يحسب حسابه فالطهي
عنده عالبركة لعلها تحل بوجبته، يفرح بنفسه ويتألق ويتأنق فهو يحب المخاطرة
والمغامرة ولا يخشى أن ينتهي طبقه في الثلاجة كمرحلة انتقالية من قبل تشييعه إلى
مثواه الأخير.
لا يهتم مادام وحده في المطبخ، فلا يهاب الطناجر والصحون
المتراكمة ولا الملاعق المتلاصقة ولا حتى ثورة الطعام وانتشاره في كل مكان. تجربة
إعداد الطعام عنده أمر مثير، فيه الصواب وفيه الخطأ الكثير، لكنه "ثيرابي"
خطير، وخصوصاً إذا تم مدح طبقه الجاهز في الأخير، حينها ترتفع حواجبه وتَحلق فوق
الأثير وينتهي بهز رأسه ليتواضع بعد أن أصبح رأسه كبير
تعليقات
إرسال تعليق