جُمعة كويتية حزينة
ذهبنا الى التراويح بالأمس مع جموع المصلين وفي
عيوننا رائحة حمراء قاتم لونها لا تسر الناظرين ، ترى ظلها في وجوه المصلين و كأنها
انعكاس للون دماء مسجد الامام الصادق . تكلمت مشاعرنا في المسجد بلغة الجسد والعيون
وقد طافت و خرجت منها مشاعر التوجس و الخوف والحيرة و الصور الحزينة. أقيمت الصلاة
وبدأنا ودارت في خواطرنا مباشرة محاكاة لمن فعلوا مثلنا تماما قبل ساعات الا ربما
أن أيديهم كانت مسبلة ، لكن خشوعهم تم اختطافه و هم في بيت من بيوت الله من قبل يد الغدر
المتلحفة بسواد دين ابتكرته لترويع العباد.
دور العبادة التي قدستها كل الديانات و على
رأسها الاسلام الذي حصنها بتعاليم شريعته السمحة تستباح هنا في أرض الواقع وتسبح بدماء
الابرياء الذين تركوا اولادهم وأهلهم متوجهين الى الصلاة و ليعودوا اليهم بأكفان
بيضاء أو يلاقوهم متوسدين و ملتفين في شراشف المستشفيات في أعز الشهور ، شهر
الرحمة و التراحم حيث توصد الشياطين و تقبل القلوب على الطاعات و تتسامح فيما
بينها بشكل استثنائي .
لا يستطيع اللسان ترجمة ما يدور في خلجات رؤوسنا
و نحن نشاهد الامة تتداعى عليها الامم ، فهذه الفتنة تطل برأسها لتقنعنا انها من مُخِّنا
و من صناعة محلية متأملة أن تنسينا أننا خير أمة أخرجت للناس. لكن كلامه تعالى يعزينا
اليوم بقوله :"وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" ، فهذا الحادث و غيره يجب ان يوظف كشرارة لكن في
اتجاه خلق شعلة لقلوب المسلمين في الكويت و في كل مكان لتنير لهم الطريق المعتمة
التي أهملوها ، فقد حان وقت إضاءتها وتعبيدها بالتكاتف و التعاضد و التعاطف كالجسد
الواحد في وجه الارهاب و لتكون عكس ما تمنى الارهابيون و حلموا في سيناريوهات
مشابهة لبعض أحداث رواية "فئران أمي حصة" ، فبيئة الكويت منفتحة وتعيش مندمجة
مع ثقافات متعددة قادرة على تجاوز الأزمة بل ستغدو متماسكة أكثر إن شاء الله.
حسام عرمان
27-6-2015
تعليقات
إرسال تعليق