التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لست وحدك من يربي

كلما مررنا بجانب حائط قد كتب عليه صبي او مراهق كلاما او رسما غير مفهوم ، أنبني آدم و ياسمين بقولهم ( oh dear ، شوف بابا ، ما بصير صح! ) ، حادث بسيط جعلني أتأمل بمشكلة اكبر في اطار أوسع. 

انك قد تبذل جهودا مضنية مع براعمك في البيت تعلمهم و تأدبهم و تربيهم على حسن الخلق و المعاملة و الحق و الصواب ، فتلك مرحلة الاقلاع الى أجواء خارج نطاق التغطية و المحيط المألوف بالنسبة لهم.الا ان البيئة المحيطة قد تغير المسارات بعد المرحلة الاولى ان لم يكن هناك استمرارية في الرعاية و التوجيه ، تتابع و تقوّم و توضح المفاهيم المغلوطة و المتناقضة دون ان يكون هناك شعور بالاغتراب. 

تأكدت ان تربية الأبناء مشروع استراتيجي هدفه يتعدى دائرة العائلة و المجتمع القريب و هو بحاجة الى جهد عظيم و وقت كبير و حوارات و نقاشات طويلة. كان بالإمكان ان تكون هذه المهمة أيسر لو ان جهود الاصلاح و التوعية في البيت و المدرسة و المسجد و الحي كانت متناغمة. 

 ستطير جهودنا رمادا و مواردنا ستصبح هباءاً منثورا اذا اقتصر تفكيرنا بأنفسنا فقط. ان "خيركم خيركم لأهله " لا تعني ان نختصر الموضوع على أهلنا ، و حتما لن نستطيع ان نغلق الباب على انفسنا طويلاً ، سنحصنهم ما استطعنا و لكن ريح معركة الحياة الضروس بالخارج تنتظرنا بل قد تدخل علينا  و ليس فقط من الباب بل من مكان اصغر من عين الباب. الأحرى بنا ان ننزل الى ارض المعركة بأنفسنا فأفضل طريقة للدفاع هي الهجوم ، و لا بد من تظافر الجهود و الاهم الان هو المعلم ، ذلك المربي و الموجه ، دوره السامي لا بد ان يعود من جديد ، و المناهج يجب ان تتغير و تتضمن تطبيقات عملية مبنية على تعليم الأخلاق و المواطنة الصالحة. 

حسام عرمان 31/5/2013 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

إذا هبت رياحك فاغتنمها

تمر علينا نفحات روحانية ونفسية وجسدية تمثل فرصاً للارتقاء والنقاء، ولأن القلوب تتقلب، التقطها كلما حانت واستمتع بها في لحظتها ولا تنتظر اللحظات القادمة وتخطط لها، فالعفوية طعمها أجمل.  إذا سمعت تلاوة جميلة ورقّ قلبك لا تغير المحطة وابحث عن اسم القارئ، شعرت بالمحتاجين وأنت تشاهد وثائقي تبرع عبر موبايلك مباشرة، طلب أبناءك أن تلعب معهم اترك ما في يدك (خصوصًا الموبايل) والعب معهم، تذكرت أنك لم تزر أهلك من مدة اذهب وصل رحمك أو حتى اتصل عليهم، عزمك أصدقاءك على لعبة كرة أو مشوار رياضي انطلق، سمعت بنشاط عائلي إبداعي اشتر تذكرة وفرح أبناءك، رأيت مهموماً شارد الذهن، تقدم إليه وواسيه لعلك تخفف عنه، فرصة للسفر ومغامرة مثيرة احجز أونلاين ، التقيت بشخص مميز تقدم وسلم عليه وتعرف عليه.   هذه أمثلة بسيطة لمواقف يومية عديدة تحتاج منا الإنصات والتربص باللحظات. فالحياة مثل الخفقات تصعد ثم تنزل، تتحرك ثم تسكن، وكما قال الإمام الشافعي المبدع (إن صح عنه): إذا هبت رياحك فاغتنمها         فعقبى كل خافقة سكون      ولا تغفل عن الإحسان فيها...