النعم كثيرة لكن ميزان الإنسان صغير، وأحياناً ساذج، تجده يحصر النعمة في السيارة والبيت الواسع المطل والرصيد من الأراضي وغيره والكاش طبعاً هو الكينج، الكل يجري ليحسن حاله وعندما يأمّن نفسه (من وجهة نظره القاصرة) يبدأ يفكر في أولاده ورزقهم وتأمين تعليمهم وبيوتهم وجيزتهم ! وينسى أن المرض قد يغافله ويحرف مساره ويقلب حياته رأس على عقب أو ينهي مسيرته، أو ربما يداهمه مطب مالي فيمسي مفلسًا وهوغارق في بحرالحياة متلاطم الأمواج رافع الناس حيناً وخافضهم حيناً آخر. أما الطامة الكبرى فعندما يكون ذلك على حساب الكثير من الأشياء المهمة في الدنيا والآخرة.
ما تقدم لا يعني أن نمقت تلك النعم ولا نستمتع بها ولكن لا أن نتركها تطغى على حقيقة أولوياتنا وتحيد أبصارنا فتجعلنا ننسى النعم الحقيقية في حياتنا والتي لا تقارن ولا تقدر بثمن، فلوعُرضت للبيع على من فقدها لاشتراها بالملايين، قد يتسائل القارىء ما هذه النعم التي لا تقدر بثمن!
إنها النعم الخفية التي لا يمكن أن تحصى بسبب كثرتها، ومع ذلك لا نراها بل ننساها باستمرار، نعمة البصر والعقل والولد والصحة وغيرها من نعم خفية، ومهما عددت فلن أحصيها، لكني اليوم سأذكر واحدة، وهي الصحبة الصالحة تلك النعمة المغبون فيها كثير من الناس كما هي الصحة والفراغ . أن يكون لك أخوة لم تلدهم أمك، يفرحون لفرحك ويحزنون لحزنك، يصدقونك القول ويغدقون النصح والحب، يغيرون حياتك بهمساتهم وطباعهم، لا يتبعونك لمصلحة عابرة بل قد يظلك الله بظله بسبب هذه العلاقة النبيلة التي اجتمعت على محبة الله ، فأحرص عليهم ،إن وجدوا، وتمسك بهم فتلك عملة نادرة في هذا الزمان.
حسام عرمان

تعليقات
إرسال تعليق