مع احترامي لبروفيسور سيزلر من هارفارد ونظريته في تزامن انتشار القهوة مع تغير طبيعة أعمال الناس من الريف والزراعة إلى الحضر والصناعة والحاجة إلى الكافيين، إلا أني أرى أن القهوة مشاعر وأحاسيس، تغازلك رائحتها منذ بدء تحميصها عند المطحنة، وتنتعش خلايا دماغك وأنت تفتح العلبة أو الكيس لتغرف ملعقة أواثنتين و تغليها "على رواق" على نار هادئة فتهدر أمواجها الصغيرة وتتسلق رائحتها لتصل إلى عنان عيونك لتستمتع بسحابها قبل أن تبدأ بصبها وترى سرابها ومن ثم يخفق قلبك سريعاً بمجرد أن تلامس شفتيك أول رشفة من شرابها، فتكتب و تفكر وتتأمل وأحيانا تبدع (ولو على قدك)، وما كتبت في الأعلى على عجالة إلا بعد أول رشفة أاو رشفتين، ولن نلوم من لم يقع في غرامها لأن هناك دراسة من جامعة ادنبرة أشارت الى وجود عامل جيني في الموضوع أيضاً !
سأروي لكم قصة قصيرة تناولتها ثقافات عديدة أهمها وربما أصلها الصينية القديمة، إنها قصة ضفدع البئر لكني سأرويها لكم بصبغة عربية دون تحريف شديد إلا ما أجبرتني عليه خلجاتي وكلماتي فلغتنا العربية الجميلة تأبى إلا أن تجمّل المفردات. عاش ضفدع طوال حياته في بئر سحيق كان يستمتع بحياته مستلقياً في القاع ينظر للسماء وزرقتها وجمال السحاب وهو يمر مشكلاً لوحات بيضاء سريعة وبطيئة مثل لحظات الحياة. كان هذا عالمه الذي تقوقع فيه وظن أن عيشته لوحده هي الأفضل والأمثل، حتى جاءت سلحفاة وأطلت عليه برأسها الصغير الذي غطى جزءاً كبيراً من الضوء من أعلى فلفتت انتباه الضفدع. قالت السلحفاة : "كيف أنت اليوم أيها الضفدع؟" رد عليها وقد نفخ أوداجه واخضر خضاره وقال: "أنا كما ترين أسبح في هذا الماء الراكد الساكن الهادئ أمتع ناظري في الموج الذي أفتعله على مزاجي وقدر حجمي وعندي من البيوت بعدد الحفر المنتشرة في جوانب البئر، أختبئ فيها من المطر وكلما ارتفع منسوب الماء اعتليت بيتا (حفرة) أعلى. طعامي كما تعلمين حشرات تائهة جذبها الماء الداكن ورائحته المعتقة، تعالي واستمتعي معي لأخبرك عن تجارب...

تعليقات
إرسال تعليق