إنها حمى التنافس في السوق الرأسمالي الحر،
وقد وصف هذه الظاهرة الاقتصاديان الحائزان على جائزة نوبل في الاقتصاد في كتابهما Phishing
for Phools ، حيث بدأت الظاهرة عندما تقدمت شركة جنرال
موتورز بنموذج عمل مبتكر مكنتها من التفوق على منافستها فورد المعروفة حينها
بالتفوق النوعي من حيث الأداء والوثوقية والديمومة في التصميم وسهولة الإصلاح و
خصوصاً موديل تي.
استراتيجية شركة جنرال
موتورز تمثلت بإصدار منتج مطور كل عام ويقدم للجمهور على أنه منتج جديد رغم أنه في
حقيقة الحال تعديلات وإضافات ثانوية، لكنها كانت تغلفها وتسوقها وكأنها تصاميم
سيارات جديدة كلياً وأفضل من سابقاتها وبالتأكيد أكثر عصرية، وتمكنت من إقناع
شريحة كبيرة من الجماهير المتعطشة لكل جديد.
هذا النموذج أصبح العرف
في مختف الصناعات، حتى فورد نفسها تبنت هذا النموذج وغيرها من الشركات ولا نستثني
“النظيفة أخلاقياً" منها، وذلك بسبب ضغوط المنافسين والمساهمين لجني الأرباح
والصمود أمام أمواج التنافس الشرس. ومازالت الشركات ليومنا هذا تملي علينا ما
نحتاجه من منتجات ، ونشتري بإرادتنا ولو كنا حقاً لا نحتاج هذه المنتجات ، بل
ازدادت شراهة الشركات مع تطور تكنولوجيا المعلومات والتسوق الرقمي حيث أصبح
بالإمكان الشراء بمجرد التفكير بالمنتج أو مشاهدته أو اقتراحه بينما أنت تتصفح
موقع الكرتوني أو تقرأ "جيميلك" أو "تشيك فيسبوكك" ، وأبواب
الشركات اليوم مفتوحة 24/7 ، وهنا يأتي دور التعقل والحكمة وعدم التسرع والانجرار
وراء ما نسمع ونرى من رسائل مباشرة أو باطنية ، فلا بد أن نكبح جماح النهم
الاستهلاكي وتقليد الآخرين ، ولعل نصيحة الفاروق
عمر لأحدهم ما زالت عملية وصحية ليومنا هذا حين قال لأحدهم : "أو كلما
اشتهيت اشتريت" وخصوصاً أن الاشتهاء أصبح اصطناعي وليس حقيقي !
تعليقات
إرسال تعليق