في هذه الصورة لعبتي
المفضلة وأنا صغير ، كانت هدية من أمي رحمة الله عليها وعلى أبي العزيز ، كبرتُ
وسافرت وتغربت ثم رجعت ، فتفاجأت بأمي تعطيني إياها بعد أن تزوجت وأنجبت ، فقد
احتفظت بها لأنقلها لأطفالي ، كما قالت ، وها هي مازالت ، تلهم أطفالي
كما ألهمتني في صغري ، ليس بحديداتها أو براغيها بل لأنها ارتبطت بصدى همسات أمي
وحنانها ، الذي مازل يزورني عند فرحي وحزني فيجلس بجنبي ويسمع مني .
الأم ظاهرة عجيبة
لا يمكن مضاهاتها بشيء ، سحرها ليس بديزنيّ بل طبيعي وعبرقري، يفوق نتاج أي تفكير
إبداعي ، لأنه فطري وبطبعه إنساني ، مجبول من طينة مشاعر لن يستطيع وصفها أمهر
شاعر. تفاجئكُ بطريقة تفكيرها وتدبيرها ، لأنها لا تتبع أي نظام أرضي ، طاقة متجددة في العطاء دون انتظار منفعة مادية أو حتى
معنوية ، لأنها مطهّرة بصبغة ربانية.
ولعل ما استفز مشاعري
الْيَوْمَ وأنا أرى أبنائي يلعبون بلعبتي ، أن كيف صبرت أمي كل هذه السنين
لتفاجئني بهدية صارت هديتين ! لكن يبدو أن منظومة الصبر في الأم ليس لها مثيل ،
فهي مدرسة نتعلم منها نماذج الصبر والمصابرة وتحدي المستحيل ، ترسم الطريق لمجد
أبناءها وقلبها الدليل ، وستظل مدرستنا في الحياة ، نتناقلها جيلاً بعد
جيل.
ربي ارحمهما كما ربياني
صغيرا
تعليقات
إرسال تعليق