التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أوباما مرحلة وعدت !




الرئيس أوباما كان حديث الصحافة العالمية والمحطات العالمية وخصوصاً بعد خطابه الوداعي المؤثر الذي خاطب فيه العقل ولخص إنجازاته واستثار العاطفة وحذر شعبه ونصحهم وأظهر لمحة عائلية حتى أنه تأثر هو نفسه عندما تحدث عن زوجته وبناته. شاهدت خطابه بالكامل واستمتعت به كالعادة لأني كنت في فترة معينة مولع بموضوع أساليب التقديم و فن الخطابة presentation and public speaking  فهو مدرسة تتعلم منها أصول وفن الخطابة والالقاء ومسلي تماماً كمشاهدة مبارة كرة قدم.

لا شك أن أوباما كان ناجحاً بكل المقاييس بالنسبة للأمريكيين، هذا حسب كلام معظم المحللين وقد حدثني عن ذلك أحد المستشاريين العلميين الأمريكيين الذين عملت معهم. صحيح أن المنطقة العربية لم تستفد من أوباما رغم أمنيات العرب الطموحة بعد سماع خطابه الملهم والمشهور في القاهرة وتفائلنا كثيراً حينها، فكلامه الساحر كان ينساب كالعصا السحرية تغشى وجوه الشياب قبل الشباب، لكن كما نعلم أنه لم يقدم شيء وهذا طبيعي (و مين قال أنه عليه ضربة لازم ، دخلك هو رئيسنا ولا رئيسهم ! أم أننا نتعلق في القشة التي قسمت ظهر البعير). 
أوباما كان رئيس استثنائي وعالمي، ظهر بنموذج مثالي في السياسة والكياسة واللباقة والقدرة على التواصل. أذكر في عام 2012 كنا في مؤتمر في واشنطن واستمعنا لمحاضرة قدمها رجل كونجرس تحدث عن القيادة وما لفت انتباهي عندما قال أن أوباما حالياً رئيس الولايات المتحدة ليس لأنه الأذكى أو الأقوى بل لأنه يملك قدرة فائقة على التواصل. لقد تواصل أوباما منذ نعومة أظافره بحذاقة وتتدرج ليصبح أول رئيس من أصل أفريقي، نشل اقتصاد بلاده وحسن ظروف معيشة شعبه وأنجز الكثير وفاز بسهولة لفترتين وقدم نموذجاً عصرياً وفريداً وملهماً للجميع في بلده، إلا من عمتهم العنصرية طبعاً والذين نجحوا بقلب الطاولة على الجميع في آخر انتخابات.

أوباما كان ظاهرة غيرت الصورة النمطية عن الرئيس الأمريكي، اخترق قلوب الملايين قبل عقولهم بخفة ظله وتواصله مع الجميع بكل الطرق التقليدية و "الديجتالية" ، استخدم لباقته وخفة دمه ودماثة عائلته وخصوصاً زوجته ميشيل التي قد يكون لها شأن كبير في المستقبل فلسانها وفصاحتها قد تتفوق على المعلم الزوج ويصدق هنا القول أن وراء كل رجل عظيم امرأة. أوباما كان حكاية رمزية وحلم "لوثري" تحقق وأحدث صدى استثنائي، لكن الستار سيدسل بعد أيام وسيعود الجنون قريباً كما كان أيام بوش وقبل ظاهرة أوباما التي جاءت ولطفت الأجواء (على الأقل المحلية الأمريكية). بنفس الطريقة الديموقراطية الأمريكية سيعود الجنون خلال أيام الى البيت الأبيض، هذه كانت نتاج العملية الديمقراطية التي قال فيها تشرشل "أنها أسوء نظام عدا أنها أفضل من كل ما جرب من قبل".

هذه التغيرات العالمية قد تكون تذكرة للعالم أن النظام الامريكي الرأسمالي والذي يعتبر قدوة للعالم أجمع بمنظومته التي تعتمد على عوامل تميز بها النظام الأمريكي قد لا يكون الأصلح على الدوام. العالم المتقدم بشكل عام حزين لما آلت اليه الأمور بعد أن ظن أن وجود الأسمراني المتميز على أعلى هرم في السلطة في أقوى دولة كان نتاج النموذج المتحضر الذي اتبعوه، أما الدول النامية فإما أنها متوجسة أوخائفة أو ربما سعيدة أن حالها وأنظمتها ليست بذات السوء ، ولسان حال قولهم "شايفين"!    


تعليقات

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. Follow a mother and daughter as they trek across the globe; unlocking cities, picking up suitcases, and accumulating photos from famous landmarks. Multiple I/Os and serial communication interfaces – cost-efficient digitalization of legacy 코인카지노 machines. You'll find a vary of denominations and recreation types, including such favorites as, Lightning Cash, Jin Long and Wheel of Fortune within our High Limit Rooms. We have three High Limit Rooms, located in numerous areas of the casino, so you'll by no means be far from the action.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

إذا هبت رياحك فاغتنمها

تمر علينا نفحات روحانية ونفسية وجسدية تمثل فرصاً للارتقاء والنقاء، ولأن القلوب تتقلب، التقطها كلما حانت واستمتع بها في لحظتها ولا تنتظر اللحظات القادمة وتخطط لها، فالعفوية طعمها أجمل.  إذا سمعت تلاوة جميلة ورقّ قلبك لا تغير المحطة وابحث عن اسم القارئ، شعرت بالمحتاجين وأنت تشاهد وثائقي تبرع عبر موبايلك مباشرة، طلب أبناءك أن تلعب معهم اترك ما في يدك (خصوصًا الموبايل) والعب معهم، تذكرت أنك لم تزر أهلك من مدة اذهب وصل رحمك أو حتى اتصل عليهم، عزمك أصدقاءك على لعبة كرة أو مشوار رياضي انطلق، سمعت بنشاط عائلي إبداعي اشتر تذكرة وفرح أبناءك، رأيت مهموماً شارد الذهن، تقدم إليه وواسيه لعلك تخفف عنه، فرصة للسفر ومغامرة مثيرة احجز أونلاين ، التقيت بشخص مميز تقدم وسلم عليه وتعرف عليه.   هذه أمثلة بسيطة لمواقف يومية عديدة تحتاج منا الإنصات والتربص باللحظات. فالحياة مثل الخفقات تصعد ثم تنزل، تتحرك ثم تسكن، وكما قال الإمام الشافعي المبدع (إن صح عنه): إذا هبت رياحك فاغتنمها         فعقبى كل خافقة سكون      ولا تغفل عن الإحسان فيها...