التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فرضيات ونفسيات

فرضيات و نفسيات  




وصلت  مطار هيثرو حوالي الساعة الثالثة ظهراً ، الجو غائم كعادته في شهر تموز ! يبعث الملل في نفوس المواطنين المتشوقين للشمس والحر والبحر في الصيف ولكن لندن تأبى أن تمتعهم بصيف مستقر، أما أنا فأحببته وخصوصاً بعد أشهر صحراوية طويلة ،  و رأيته رومانسياً لطيفاً ، شوقني أكثر للقاء زوجتي وأبنائي بعد غياب (أسبوع) ! 

ركبت بالتاكسي وتذكرت أنني قد غبت سنة كاملة عن بريطانيا وتخيلتها عنصرية أكثر بسبب الأحداث المفزعة والمقززة التي انتشرت بشكل دراماتيكي باسم الإسلام ، وهي مادة دسمة لبعض الصحف الأكثر انتشاراً بما تنشره من مادة هدفها أن تبيح السياسية وتسيس الإباحية.

و بينما هذه  الأفكار 'تتنطط' في رأسي و تحرضني على نفسي ، سألت السائق عن السعر فأخبرني أنه يستخدم العداد وكان أسلوبه عابساً منفراً (أنكرت في نفسي أنها العادة التي نسيت) لكن نفسي حرضتني أنه عنصري لأني ألبس لحية و عيوني لونها شرق أوسطي.  تمحلقت في ملامحه وإذا به يبدو آسيوياً ، ومع ذلك لم ترتح نفسي ! بل فتحت عليّ باباً آخر وهو أنه هندي و ال'هندو' يكره المسلمين (أبّاً عن جد) كما تعلمنا منذ الصغر ! تحولت بسرعة إلى عنصري وقلت في نفسي: "هذا الهندي بتعنصر علي بجوازه إنه إنجليزي ، أي ما أنا كمان إنجليزي" ! هديت حالي وروضت عنصريتي وحبيت أتأكد من مشاعرنا الإثنين فسألته عن الوقت المتوقع للوصول فلم يرد ، كررت مرة ، اثنتان ، وجهرت في الثالثة مقترباً من النافذة الصغيرة التي ندفع منها فسمع و أجاب بطريقة باردة ! بدأ رأسي يغلي ، ومن بعيد عادت عنصريتي سريعاً لتتلبس جسدي من جديد ، لكني قررت أن أتجاهلها واستمتع بلحظة لقاء أهلي بصدر رحب أبيض ! - انتهت قصة لندن-

بعد أسبوع ركبنا في تاكسي في أدنبرة في اسكوتلاندا وتذكرت الموقف وندمت على معركة المشاعر المختلطة في لندن عندما قرأت اللافتة التي تقول باختصار (انظر الصورة المش واضحة :) : 

"هذا التاكسي فيه نظام صوتي ذو اتجاهين بحيث لا يمكن للسائق سماعك (للخصوصية) إلا عندما يكون الضوء الأحمر يعمل" .  


*بالعامية و بيني و بينكم ، لازالت نفسي تحدثني انه تاكسي المطار ما فيه نفس النظام !  يعني الواحد مرات لازم في هيك مواقف يقول للأمارة بالسوء ؛  يا نفسي غوري :)   

حسام عرمان
7/8/2015

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

أثر الشاشة (تلفاز، موبايل، آيباد) على الأطفال – دراسات

  -           زيادة وقت الشاشة   يؤدي إلى انخفاض النشاط البدني وزيادة مؤشر كتلة الجسم وتقليل الوجبات العائلية معًا وقلة النوم عند الأطفال -           لا يستفيد الأطفال دون سن الثانية بشكل عام على الإطلاق من أي محتوى يعرض على الشاشة حتى البرامج المفيدة (فوق سنتين فقط يصبح مفيد) -           يمكن للأطفال تعلم كلمة جديدة بشكل أفضل شخصيًا أو عبر مكالمة فيديو تفاعلية، مقارنة بمشاهدة نفس الكلمة التي يتم نطقها بشكل سلبي على الشاشة. -           أدمغة الأطفال الصغار تتطور بسرعة، ويظل التفاعل مع الوالدين أمرًا بالغ الأهمية لتعلمهم. -           الكثير من وقت الشاشة يمكن أن يؤثر سلبياً على فهمه لعالمنا ثلاثي الأبعاد وتقليل الخيال الإبداعي -           استخدام وقت الشاشة للأطفال في سن المدرسة يقلل من مهارات الصور الذهنية   المصدر: صفحة المستقبل - بي بي سي

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016 رغم أني عادة لا أتابع ألعاب الاولمبياد بشكل عام (عد ا  كرة القدم طبعا)، لكن هذه السنة تابعت بعض الألعاب و الأخبار المتفرقة من ريو 2016 ، قصص مؤثرة و حكايا متنوعة و مثيرة. فها هي البرزيلية السمراء الجميلة رافيايل سيلفا القادمة من المخيمات المجاورة تحصد الميدالية    الذهبية بعد أن كادت تتحطم نفسيتها قبل انهيار بدنها و ربما وظيفتها أمام سيل الانتقادات في الاولمبياد الماضي عندما فشلت فشلا ذريعا ، و وصفها بهمجية عنصرية بغيضة بعض الجماهير بالقردة مستهزئين بلون بشرتها و أدائها. لم تفتح رافايل كمبيوترها حينها خوفا من أن تنهار عند قراءتها التعليقات لكنها تمالكت نفسها وعادت بعد أربع سنوات وقالت لهم "  The monkey came out of the cage in London and became champion in Rio de Janeiro " أي خرجت القردة من القفص في لندن و أصبحت بطلة في ريو. أما قصة جوزيف سكولنج السعيد القادم من دولة صغيرة عظيمة هي سنفافورة ، يأتي هذا الصغير صاحب الحلم الكبير لينتقل بنا من صورة له مع قدوته في الرياضة السباح العملاق فيلبس قبل ثمانية سنوات عندما كان عمره حينها ثلاثة