حر الحياة
تأملت بينما كنت أقود سيارتي المكيفة المريحة و قد لمحت كثيرا من الرجال و منهم كبار السن كيف تلفحوا و غطوا وجوههم لتمنعهم من الغبار و الحر الشديد . يعملون في العراء ليجمعوا فتاتا مغمسا بالعرق ليرسلوه الى اهلهم في بلادهم الفقيرة . أعداد كبيرة هربوا من فقر بلادهم و حرموا من التعليم و اجبروا في طفولتهم على العمل او تقاعسوا واختاروا في شبابهم المرح و الرخاء على الجد و السهر و الدراسة و التعلم حتى من مدرسة الحياة ، و الحياة لا ترحم وخصوصا من وجد نفسه في بيئة خصبة بالتحديات !
قد يبدوا الامر بسيطا ، لكنك تقدر تكنولوجيا الهاتف الذكي و تسعد عندما تراهم يتحدثون مع اهلهم لفترات طويلة فتخفف عنهم وخصوصا انهم غير قادرين على السفر لسنوات!
انك تتاثر كلما رايتهم و تحزن لحالهم و تتمنى منحهم مزيدا من الحقوق و التسهيلات ليعيشوا حياة كريمة في بلادهم و في غربتهم . ثم تتذكر نعمة الله عليك ان منحك شيئا من العلم و المهارة التي تمكنك من القدرة على توفير مقومات الراحة لك و لعائلتك.
و هنا اتذكر امي الغالية رحمة الله عليها حيث كانت وراء نجاحنا و اهتمامنا بالعلم و التعلم والاجتهاد و الالتزام ، ذلك السر الذي عرفت انه السر الاهم في النجاح ، امي التي لم تتجاوز الصفوف الإعدادية كانت رؤيتها بعيدة فدعمتنا و استثمرت فينا استراتيجيا و تجاوز تفكيرها النجاحات و المناسبات و الافراح المرحلية الشكلية او الانجازات 'الخَلقية' او 'الحظّية' التي ليس لنا فيها أمر.
حسام عرمان
تعليقات
إرسال تعليق