التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شكرًا





تناولت وجبة الغداء في كفتيريا العمل مؤخرًا وتأملت في أمر بسيط آمنت به دائماً وسأشارككم فيه اليوم، كان الطبق جديد واسمه غريب وها قد نسيته رغم سؤالي الشيف عنه مرتين (هرمنا:) ، كان الطبق طيب ولذيذ.

ذهبت بعد الانتهاء إلى الشيف وشكرته وأبديت إعجابي بطبقه. وصدقوني من بعدها أصبح يبتسم لي في كل لقاء ويُسر لرؤيتي وصرنا أصدقاء (تقريبًا) . نعم كانت تلك كلمات خفيفة قصيرة لكنها وزنت محبة طويلة.
هذه الكلمات ولسبب ما ! كثيرًا ما نجدها ثقيلة، تتثبط وهي تخرج من أعماقنا وتتحشرج في جوفنا ومن ثم يعيقها لساننا، وعند خروجها تكون قد صارت مشوهة وقد فقدت روحها وريحها وحبها.

أعتقد أن الثناء في محله وشكر الناس دون تملق أو تكلف يعطي بعدًا اجتماعيًا بل حتى عاطفيًا بشكل عجيب، يبث طاقة إيجابية رهيبة يمكن أن تنتشر في المجتمع بسرعة لو أردنا. سوف يحسن الطباخ والطبيب والمعلم والمهندس عمله اكثر، و سيقدمه على طبق محبة يتلقاه كل إنسان بحب متبادل، فالعمل مع الحب نتائجه تختلف كلية عن العمل الميكانيكي الجاف (بس ما يزعلوا طلاب الميكانيك:) ، فأنا استمتع بطعامي الذي أحضره النادل بسبب ابتسامته العميقة والحقيقية (طبعًا مهم الأكل يكون زاكي كمان:) ، و تكتمل الصورة عندما أُشعره أني ممتن لخدمتي، وسيبدع أكثر بشكره لا "بتبي/ بقشيشي" .


لو كنت أعرف فوق الشكر منزلة     أعلى من الشكر عند الله في الثمن
إذا منحتكها مني مهذبة              حذوا على حذو ما أوليت من حسن


و لنتذكر دائماً ان {من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل } ، والحمد لله على نعمة الاسلام.


حسام عرمان
16/3/2013

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

إذا هبت رياحك فاغتنمها

تمر علينا نفحات روحانية ونفسية وجسدية تمثل فرصاً للارتقاء والنقاء، ولأن القلوب تتقلب، التقطها كلما حانت واستمتع بها في لحظتها ولا تنتظر اللحظات القادمة وتخطط لها، فالعفوية طعمها أجمل.  إذا سمعت تلاوة جميلة ورقّ قلبك لا تغير المحطة وابحث عن اسم القارئ، شعرت بالمحتاجين وأنت تشاهد وثائقي تبرع عبر موبايلك مباشرة، طلب أبناءك أن تلعب معهم اترك ما في يدك (خصوصًا الموبايل) والعب معهم، تذكرت أنك لم تزر أهلك من مدة اذهب وصل رحمك أو حتى اتصل عليهم، عزمك أصدقاءك على لعبة كرة أو مشوار رياضي انطلق، سمعت بنشاط عائلي إبداعي اشتر تذكرة وفرح أبناءك، رأيت مهموماً شارد الذهن، تقدم إليه وواسيه لعلك تخفف عنه، فرصة للسفر ومغامرة مثيرة احجز أونلاين ، التقيت بشخص مميز تقدم وسلم عليه وتعرف عليه.   هذه أمثلة بسيطة لمواقف يومية عديدة تحتاج منا الإنصات والتربص باللحظات. فالحياة مثل الخفقات تصعد ثم تنزل، تتحرك ثم تسكن، وكما قال الإمام الشافعي المبدع (إن صح عنه): إذا هبت رياحك فاغتنمها         فعقبى كل خافقة سكون      ولا تغفل عن الإحسان فيها...