نودع اليوم سنة ٢٠١٢ التي مرت بسرعة عجيبة،
أصبحت صفحات السنين تطوى بشكل خاطف، قطار الزمان يخترق محطات حياتنا بشكل صاخب،
ويصرح الناس حيناً وحيناً بأن الحياة تزداد طيناً. وهذا العام بالذات ينتهي
والمصاعب المالية تدور بالبلاد.
ليس بالبعيد يوم كنا نخرج أيام منع التجول
في الانتفاضة الأولى والثانية لنشتري الحاجيات ونقفز هنا وهناك مستمتعين بالمغامرة
في فورة الشباب المبكر، أذكر أن رفوف المحلات خلت إلا من منتجات التنظيف والغسيل، لكن
كان الجار للجار أخ وصديق وقت الرخاء والضيق. كانت المشاعر جميلة والرزق وفير رغم
الاقتصاد العليل، فالخير ليس بالكم الكثير وإنما هي بركة الجليل. الرضى والقناعة
كانت المفتاح الذهبي لنجاح تلك المرحلة العصيبة، لا أدري كيف أدار الناس أمورهم
لولا تدبير الكبير. مرت تلك الأيام بسلام وظلت ذكريات الانتصار والقدرة على مقاومة
الحصار بشجاعة الصغار وحكمة الكبار.
اليوم، لا منع تجول ولا انتفاضة ولا حصار،
لكن سيارات حديثة تجوب الشوارع بلترات قليلة وشقق فارهة لكن محشورة والحياة صارت
مريرة. حدثني صديق من يومين كيف ابتاع أحدهم ثلاجة مذهلة (كما قال) و بتسعة آلاف
شيقل "وشوي" وكانت عن طريق البنك، وفي نفس اليوم ذهب معه ليشتري كيلو
لحمة مجمدة ! تصرف مذهل أن يُطعم أحدهم أبناءه طعام متدني الجودة على حساب المظاهر
الزائفة للمشاهدين الزائرين.
لا مانع أن يري أحدهم أثر نعمة ربه عليه
ولكن ليس من حساب البنك. غرق وأُغرق الكثير بالربا والقروض من أجل أن
يتمختروا وراء مقود كيا أو هيونداي "وكالة". صحيح أن متطلبات
الحياة أصبحت كثيرة لكن الإدارة والإحسان هما الأساس، والأهم طبعاً رغيف الطابون
وزيت الزيتون الحلال الصافي. ال credit crunch الذي لم يتعافى منه الغرب بعد ونرى أثره
شاهداً أمامنا لا يؤول ببعضنا إلى أي عبرة ولا يهدي إلى أي درس! وكأننا أصررنا
على دخول جحر الضب رغم أننا رأيناه كيف تأذى.
أرجو أن نعتبر ونتفكر، فإن كنا نسير على
"السبهللي" (وما بدنا نقول على البركة) فهناك من يحيطنا ويفكر لنا أو
بالأحرى علينا.
حسام عرمان
٣١/١٢/٢٠١٢
تعليقات
إرسال تعليق