التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الرسالة ستصل لكن الى اللاعنوان


الرسالة ستصل لكن الى اللاعنوان

أعجبني محل ميكانيك سيارات كنت عنده من يومين ، حيث رتب أغراضه بشكل جميل وغريب غير مألوف وبدا المحل نظيفا وكأنه شقة عريس أسلوبه ولمساته فيها مهنية عالية ، فعادة هذه المحلات مثال للفوضى "الخلاقة"  فلا يستطيع هو نفسه ان يجد غايته الا بعد عناء ويتحزر ويتندر حتى يصل الى العلة. المهم انتهت المفاجئة وبانت الأسباب عندما أخبرني انه تعلم في امريكا ! فتأملت وتألمت وأستفزني الامر! هل نحن حقاً بحاجة لان نسافر ما وراء البحار حتى نتعلم النظافة والنظام وأصول الحوار واسلوب التعبير عن الرأي واحترام الاخر؟ 

ان مايحدث اليوم ، وبغض النظر عن الأجندات والمساومات والمناكفات ، مؤلم جدا فالعبث بالمرافق العامة ومظاهر المظاهرات المتسخة المنسلخة عن قيمنا وحضارتنا نحن اهل النظافة من الايمان يعيدنا الى الوراء أميال. نشعل الإطارات في الشارع الذي سنسلكه غداً صباحا، ونقول دائماً  نحن الشعب الاكثر "تعلما" ومالي بعالم اختفى وراء الأبواب ونام بين المعادلات التفاضلية أو كيمياء اليود البنفسجية المعتمة . أين الاقتصادين والمفكرين السياسيين؟ أين أقلامهم ومواعظهم؟  أين أنتم أيها الشباب؟ الأمهات الفلسطينينة أنجبت عباقرة ومبدعين في المهجر وفي الداخل وبشهادة الكثير، ما لنا لا نراهم اليوم !      
الناس لهم كل الحق للحنق والضجر وافتراش الطرق بأجسادهم احتجاجا وتعبيرا وهناك أشكال حضارية عدة ، لكن يبدو أن جيل المراهقين ذوب دور النخب ، ما كنا نسمعه من مصائب داخل أسوار المدارس وسوء الأخلاق وتهلهل التربية والنسق والوازع الاجتماعي بدأ يأكل الاخضر واليابس.

أعلم أنه خطب اكبر واعظم وهذه انما أعراض ، لكن حسن حرية التعبير ومنهج التغيير سيؤتي اكله في كل حين عندما يكون التحرك نظيف ووطني نقي من كل الشوائب الحزبية والطائفية الجاهلية. لن اضرب أمثلة أوروبية او أمريكية فما شاهدناه في مصر الحنينية القريبة الى قلوبنا كما هي إلينا تمكن شبابها المثقف المفعم بالحرية من ان يرسموا بالحب والسلام صورة حضارية شاهدها العالم اجمع. 

دولاب الدنيا لا يقف ، انه يغير ويبدل حكومات وقوانين ، قرارات وسياسات، ما دام هناك إرادة أناس هم من يضع الأساس ومن يدبر الامر ويرسم الدرب، لكن وللاسف مصيبتنا أكبر من ذلك بكثير فنظامنا كبيت عنكبوت وحالنا كطبيب غرر به وتورط ليدخل غرفة عمليات مظلمة لا فيها ماء ولا  كهرباء والمريض ميت أصلا ولن ينفع كل ما أُنفق على ذلك الطبيب من علم ومال (ضيع كثيرا منه) وتجهيزات "بالدَّين" والنتيجة انه الملام واما أن تسحب رخصته ويمنع من مزاولة المهنة لكنه سيظل يدفع كل الفواتير ، أو يتركوه يعمل في نفس الغرفة ويظل هو يأمل أن يأتي مريض غير ميت ويكف الناس عن لومه وتوبيخه.  

حسام عرمان
11/9/2012


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

أثر الشاشة (تلفاز، موبايل، آيباد) على الأطفال – دراسات

  -           زيادة وقت الشاشة   يؤدي إلى انخفاض النشاط البدني وزيادة مؤشر كتلة الجسم وتقليل الوجبات العائلية معًا وقلة النوم عند الأطفال -           لا يستفيد الأطفال دون سن الثانية بشكل عام على الإطلاق من أي محتوى يعرض على الشاشة حتى البرامج المفيدة (فوق سنتين فقط يصبح مفيد) -           يمكن للأطفال تعلم كلمة جديدة بشكل أفضل شخصيًا أو عبر مكالمة فيديو تفاعلية، مقارنة بمشاهدة نفس الكلمة التي يتم نطقها بشكل سلبي على الشاشة. -           أدمغة الأطفال الصغار تتطور بسرعة، ويظل التفاعل مع الوالدين أمرًا بالغ الأهمية لتعلمهم. -           الكثير من وقت الشاشة يمكن أن يؤثر سلبياً على فهمه لعالمنا ثلاثي الأبعاد وتقليل الخيال الإبداعي -           استخدام وقت الشاشة للأطفال في سن المدرسة يقلل من مهارات الصور الذهنية   المصدر: صفحة المستقبل - بي بي سي

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، &q