التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كنت صغيراً في صغري




بينما كنت أقلب مع أطفالي بعض الصور القديمة تذكرت بعض المواقف والتحديات التي واجهتني عندما كنت صغيراً، حيث كنت قصيراً ونحيلاً (يعني بالعامي حبتي قليلة)، وكان ذلك يؤرقني بسبب سطحية ثقافة المجتمع المحيط الذي يمجد المظاهر الخَلقية على أنها إنجازات يفتخر الناس بها في أنفسهم وذرياتهم مثل الطول وشقار الشعر وبياض الوجه وخضار العينين و غيره ! أتعجب كثيراً عندما أتذكر كيف كنت أستحي عندما يسألني أحدهم عن عمري أو صفي في المدرسة بسبب عدم توافق حجمي مع عمري حسب مقياس و"ستاندرد" المجتمع فكانت ردة الفعل مثلاً "أووفف معقول"! (ما زلت لا أدري إن كان ذلك التعليق عن حسن نية بسبب المفاجئة العجيبة أم لا!) 

سطحية الثقافة، كما يدل الاسم، ينأى فيها الإنسان عن التفكير العميق في مكنونات السطور وآيات الأراضي والبحور، وإعمال العقل في المفيد وتقدير العلم والعلماء  والأدب والأدباء والفن والإبداع، ويجنح لملء الفراغ في القيل والقال فيصبح جُلّ همه ما يراه على السطح من مظاهر محسوسة وملموسة. لا أريد أن أهوّل من الموضوع وأحمّله اكثر من طاقته إلا أنه تشخيص لانعكاسات لها دلالات كبيرة، وجزء من تأخّرنا أنا تركنا التأمل والتفكر بعمق في آيات الله كما أمرنا عز وجل ليتعزز إيماننا ويرسخ ونكتشف الكون ونواميسه كما كان أجدادنا الذين ما زلنا نفتخر بنجوم سمّوها بأسماء عربية تحلق في السماء فوقنا لتذكرنا لعلنا نصحو ونسمو ونعود وننكب على الكتب من جديد وننهل من العلم الذي في السطور ونطبق ونجرب لنعمر الأرض بالمفيد كما أُمرنا.  

أحببت أن أكتب في الموضوع ، رغم أني تخطيت ذلك كله منذ زمن بعيد عندما فهمت معنى الحياة الحقيقي بتقدم سني (وطبعا زاد طولي شوي في الثانوية  :) ، للفت الانتباه من خلال تجربتي الشخصية ومشاعري حينها لعلنا نتنبه و نعدّل من هذه الثقافة ، فأبناؤنا وبناتنا (و كنت قد خصصت خاطرة في البنات بعنوان وما دخلي أنا) بحاجة إلى دفعات معنوية قوية تركز على أخلاقهم وكدهم وإخلاصهم في أعمالهم وأفكارهم ولنفرح بعدها في انجازاتهم ، وليس على صورهم وأشكالهم ومقاساتهم.   

الله حبانا بأمور كثيرة واستخلفنا لعمارة الأرض باستخدام امكانياتنا التي قد يكون جزء منها خَلقي وراثي، لكن الأهم هو التنمية والاستثمار والاجتهاد فيما ينفع المجتمع. الهبات الجينية كحسن المظهر والجمال والطول والعرض وغيرها أمور محسوبة وسيحاسب عليها كل إنسان وكيف "أنفقها"، كما هو الحال في كل نعم الله التي قد يجريها على أيدي الناس، فالله كامل عادل ولن يترنا أعمالنا. 

*** الصورة تبين الوجه المشرق في أن تكون صغيراً وخفيفاً فيتم اختيارك لتكون على قمة الهرم وترفع العلم، كما حصل معي :)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

أثر الشاشة (تلفاز، موبايل، آيباد) على الأطفال – دراسات

  -           زيادة وقت الشاشة   يؤدي إلى انخفاض النشاط البدني وزيادة مؤشر كتلة الجسم وتقليل الوجبات العائلية معًا وقلة النوم عند الأطفال -           لا يستفيد الأطفال دون سن الثانية بشكل عام على الإطلاق من أي محتوى يعرض على الشاشة حتى البرامج المفيدة (فوق سنتين فقط يصبح مفيد) -           يمكن للأطفال تعلم كلمة جديدة بشكل أفضل شخصيًا أو عبر مكالمة فيديو تفاعلية، مقارنة بمشاهدة نفس الكلمة التي يتم نطقها بشكل سلبي على الشاشة. -           أدمغة الأطفال الصغار تتطور بسرعة، ويظل التفاعل مع الوالدين أمرًا بالغ الأهمية لتعلمهم. -           الكثير من وقت الشاشة يمكن أن يؤثر سلبياً على فهمه لعالمنا ثلاثي الأبعاد وتقليل الخيال الإبداعي -           استخدام وقت الشاشة للأطفال في سن المدرسة يقلل من مهارات الصور الذهنية   المصدر: صفحة المستقبل - بي بي سي

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016 رغم أني عادة لا أتابع ألعاب الاولمبياد بشكل عام (عد ا  كرة القدم طبعا)، لكن هذه السنة تابعت بعض الألعاب و الأخبار المتفرقة من ريو 2016 ، قصص مؤثرة و حكايا متنوعة و مثيرة. فها هي البرزيلية السمراء الجميلة رافيايل سيلفا القادمة من المخيمات المجاورة تحصد الميدالية    الذهبية بعد أن كادت تتحطم نفسيتها قبل انهيار بدنها و ربما وظيفتها أمام سيل الانتقادات في الاولمبياد الماضي عندما فشلت فشلا ذريعا ، و وصفها بهمجية عنصرية بغيضة بعض الجماهير بالقردة مستهزئين بلون بشرتها و أدائها. لم تفتح رافايل كمبيوترها حينها خوفا من أن تنهار عند قراءتها التعليقات لكنها تمالكت نفسها وعادت بعد أربع سنوات وقالت لهم "  The monkey came out of the cage in London and became champion in Rio de Janeiro " أي خرجت القردة من القفص في لندن و أصبحت بطلة في ريو. أما قصة جوزيف سكولنج السعيد القادم من دولة صغيرة عظيمة هي سنفافورة ، يأتي هذا الصغير صاحب الحلم الكبير لينتقل بنا من صورة له مع قدوته في الرياضة السباح العملاق فيلبس قبل ثمانية سنوات عندما كان عمره حينها ثلاثة