التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016

تأملات سريعة من أولمبياد ريو 2016


رغم أني عادة لا أتابع ألعاب الاولمبياد بشكل عام (عدا كرة القدم طبعا)، لكن هذه السنة تابعت بعض الألعاب و الأخبار المتفرقة من ريو 2016 ، قصص مؤثرة و حكايا متنوعة و مثيرة. فها هي البرزيلية السمراء الجميلة رافيايل سيلفا القادمة من المخيمات المجاورة تحصد الميدالية  الذهبية بعد أن كادت تتحطم نفسيتها قبل انهيار بدنها و ربما وظيفتها أمام سيل الانتقادات في الاولمبياد الماضي عندما فشلت فشلا ذريعا ، و وصفها بهمجية عنصرية بغيضة بعض الجماهير بالقردة مستهزئين بلون بشرتها و أدائها. لم تفتح رافايل كمبيوترها حينها خوفا من أن تنهار عند قراءتها التعليقات لكنها تمالكت نفسها وعادت بعد أربع سنوات وقالت لهم " The monkey came out of the cage in London and became champion in Rio de Janeiro" أي خرجت القردة من القفص في لندن و أصبحت بطلة في ريو.

أما قصة جوزيف سكولنج السعيد القادم من دولة صغيرة عظيمة هي سنفافورة ، يأتي هذا الصغير صاحب الحلم الكبير لينتقل بنا من صورة له مع قدوته في الرياضة السباح العملاق فيلبس قبل ثمانية سنوات عندما كان عمره حينها ثلاثة عشر عاما إلى حقيقة ذهبية يترجم فيها العصر الذهبي لهذه الدولة وربما يسعد المؤسس الاول ليو كوان يو في قبره بعد أن انتزع المركز الأول بمصادفة تاريخية لا تتكرر عندما ترك خلفه فيلبس مع ميدالية فضية. أما في مسك الاولمبياد و أم الالعاب فكما كان متوقعا ، صديق الجماهير و محبوب المتعثرين و البسطاء و أسرع رجل في العالم بولت الجاميكي الذي يحبه الجميع بسبب بساطته وخفة دمه و أسلوبه و الأهم ثقته بنفسه التي تلهم الاخرين  و خصوصا الجامايكين ، لعلهم يتركوا خلفهم قضايا شبابهم المشوبة بالمشاكل بل صيتها الاجرامي أحيانا.   

ألعاب عديدة و متنوعة و لطيفة لكنك تشاهد فيها احترافية عالية فمثلا تفاجأت بوجود لعبة الترامبولين ضمن ألعاب الرجال و كنت قد لعبت عليها هذا الصيف في لندن لأول مرة في حياتي و شعرت بخجل شديد في البداية رغم أن الطفل الذي في داخلي كان يرقص فرحا و يقول استمتع باللحظة و أغمض عيناك حتى لا يراك أحد. ألعاب عديدة قد تظنها بسيطة و لا تفهما حتى تجربها و تعلم حينها الكم الهائل من المعرفة و المهارة و الحذاقة اللازمة لإتقانها ، فمثلا جربت الجولف مؤخرا  فوجدت نفسي أضرب الهواء مرات عديدة و إذا ضربت الكرة طارت وكأنها طير أعمى خرج لتوه من بيضته على غير هدى (وما تغركم الصورة يا اخوان:) . 

لقد رأينا كيف ترفع أعلام الدول في ريو دي جانيرو في كل مرة يفوز فيها الأبطال في الميداليات لتصدح للعالم و تقول في نفسها أننا دول تستحق الاحترام وفّرنا لشبابنا الفرصة ليبدعوا وفي أي مجال يوائم مواهبهم ، فينتشر صيت الدول و ما له من انعكاسات إيجابية عن الدول يؤدي فيما بعد الى تقدم و تطور يتجاوز الرياضة الى تحسين صورة المجتمع و الاقتصاد و الاستثمار و غيره من المحفزات.
أما الدول العربية الغارقة في مشاكلها (بل دمائها) ، فحظها ما زال يتعثر الا ما ندر أو من عربي أبدع عندما سافر و هجر . لقد فقدت الدول ثقتها ببناء جيل موهوب و مجتهد فتسرعت وجنّست و ياليتها بدلا من ذلك أنبتت و ربّت و أبدعت ولو على هون. الغريب والطريف كما ذكر البعض أن العرب فشلوا حتى فيما اشتهروا به سابقا من رياضات فيها قوة وشجاعة و فروسية ونزال والذي كان جزءا من حياتهم اليومية ، اليوم تغير الحال وسبقهم إليها هواة أصبحو أبطال فنيكولو و تشارلت صاروا يغنوا عنهم بلغتهم " الخيل والليل والبيداء والسيف والرمح و ... " ، فما عادت السباحة و الرماية و ركوب الخيل للأسف إلا في سطور الكتب وعلى الرفوف مهجورة.

حسام عرمان
19-8-2016

تعليقات

  1. Where to Bet on Sports To Bet On Sports In Illinois
    The https://septcasino.com/review/merit-casino/ best sports bet types and www.jtmhub.com bonuses available in Illinois. 오래된 토토 사이트 The most common ventureberg.com/ sports betting options available. Bet $20, Win $150, Win $100 or

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

إذا هبت رياحك فاغتنمها

تمر علينا نفحات روحانية ونفسية وجسدية تمثل فرصاً للارتقاء والنقاء، ولأن القلوب تتقلب، التقطها كلما حانت واستمتع بها في لحظتها ولا تنتظر اللحظات القادمة وتخطط لها، فالعفوية طعمها أجمل.  إذا سمعت تلاوة جميلة ورقّ قلبك لا تغير المحطة وابحث عن اسم القارئ، شعرت بالمحتاجين وأنت تشاهد وثائقي تبرع عبر موبايلك مباشرة، طلب أبناءك أن تلعب معهم اترك ما في يدك (خصوصًا الموبايل) والعب معهم، تذكرت أنك لم تزر أهلك من مدة اذهب وصل رحمك أو حتى اتصل عليهم، عزمك أصدقاءك على لعبة كرة أو مشوار رياضي انطلق، سمعت بنشاط عائلي إبداعي اشتر تذكرة وفرح أبناءك، رأيت مهموماً شارد الذهن، تقدم إليه وواسيه لعلك تخفف عنه، فرصة للسفر ومغامرة مثيرة احجز أونلاين ، التقيت بشخص مميز تقدم وسلم عليه وتعرف عليه.   هذه أمثلة بسيطة لمواقف يومية عديدة تحتاج منا الإنصات والتربص باللحظات. فالحياة مثل الخفقات تصعد ثم تنزل، تتحرك ثم تسكن، وكما قال الإمام الشافعي المبدع (إن صح عنه): إذا هبت رياحك فاغتنمها         فعقبى كل خافقة سكون      ولا تغفل عن الإحسان فيها...