التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إدارة التكنولوجيا



بدأت أكتب وكأس الماء أمامي وتذكرت جملة "هل كأس الماء الذي أمامك تكنولوجيا ؟ " ، كان هذا السؤال الأول الذي تفاجأ به صديقي وزميلي المهندس الصناعي الألماني في امتحانه للدكتوراه عام 2006  في جامعة نوتنجهام.   

إذا اعتبرنا الكأس كأي تكنولوجيا نستخدمها في حياتنا اليومية فإننا سنستنتج أنّ الاستخدام هو الكلمة المفصلية التي يمكن لنا أن نحكم من خلالها على أنفسنا كمستخدمين ومستهلكين  (وتلك مساهمتنا للاسف كعالم ثالث في معظم الأحيان).

بالنسبة للكأس فإن وظيفته هي احتواء سائل وفي الأغلب للشرب (حتى نحدد الاستخدامات ، و أتخيل الآن من درس معي مساق الماجستير ادارة التكنولوجيا يستذكر رفيقتي "أروى" بينما يقرأ هذا :). طبعا هذا السائل قد يكون خير الشراب وهو الماء الزلال البارد الجميل في صيف حار أو عصير الفاكهة الاستوائية الطبيعي أو العصير الصناعي (from concentrate) أو صناعي بحت (ماء + سكر + كثير من الملونات وال E’s) أو مشروب غازي أو حتى مشروب كحولي والذي ضرره درجات. القرار لنا ، فنحن نختار ما نشرب في كأسنا و الذي يتراوح ما بين أفضلها إلى أسوئها كما ذكرنا في هذا المثال البسيط. نفس المبدأ يمكن أن نسقطه على التكنولوجيا المعقدة المستخدمة في تطبيقات عديدة بل حتى التكنولوجيا النووية التي لها استخدامات سلمية وحربية !

سنتأمل اليوم معا توأماً من التكنولوجيا القريبة من حياتنا اليومية والتي دخلت بيوتنا بل أصبحت (بالنسبة للرجل) الزوجة الثانية أو الثالثة (حسب). إنها اندماج الهاتف الذكي وتطبيقات الانترنت والإيميل وخصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبح هذان الصغيران عملاقين من حيث المال والانتشار وال "براند" ، وها هما يقتحمان علينا المكان في أي زمان وقد يديرانه كما يشاءان و بنا يتحكمان ( extreme cases).     

هذا التوأم قرب البعيد وسرع البطيء ونبش الماضي وكبّر الصغير وأحيانا أهمل الكبير. انحنت له الرقاب دقائق وساعات ، وداخت وتاهت بالبعض في عالم افتراضي مليء بالتسليات مع الاصدقاء لساعات أو في المزارع السعيدة وحلاوة الكاندي كرش وغيرها أو حتى  في البقاء على اتصال مع العمل على الدوام على حساب الأهل والأولاد.    

أدرجت في هذا المقال عشر نقاط لتعيننا على تجنب ضرر هذا التوأم (اجتماع الهاتف الذكي و تطبيقات الانترنت) ولنكون عمليين إن شاء الله ، أنا شخصياً أحاول أن أطبقها باستمرار رغم أن زوجتي الاولى تعتقد غير ذلك !  
    

المقترحات لإدارة هذه التكنولوجيا هي: 

1.   اخلاص النية والاستعانة بالله أن يكون استخدامك بما هو خير لك ومن تتواصل معهم و لو حتى كان جزءا من تسليتك اليومية.

2.   اعتماد أوقات محددة لاستخدام الموبايل في التواصل الاجتماعي (مثلاً ربع ساعة صباحا ونصف ساعة مساء) ، وقد يزيد ذلك قليلا في الاجازة الأسبوعية. 

3.   إلغاء التذكير التلقائي لمواقع التواصل وغيرها، أما الايميل فحسب طبيعة عملك (أو بالأحرى مديرك :)  

4.   لا تتابع الصفحات الغير مفيدة واحصرها بذات الجودة العالية والمحترمة (المهنية) سواءا دينية أو تكنولوجية أو إخبارية.  

5.   لا تعتمد الرسائل في الفيس كبديل عن الإيميل.

6.   ضع الموبايل صامت في الاوقات التي تريد الانجاز فيها كالعمل و الدراسة.

7.   أطفئ الموبايل أو ضعه صامت عند النوم وفي غرفة أخرى واعتمد على المنبه التقليدي في الصباح.

8.   لا تقرأ ولا تتفاعل مع الرسائل "الاجتماعية" في الواتس اب إلى أن تعود إلى المنزل وفي وقتها المخصص الذي ذكرناه.  

9.   عندما تنتهي من النصف ساعة اليومية، ضع الموبايل بعيداً عن متناول يديك لفترات معينة (ساعة على الأقل) تقضي فيها وقت مع العائلة. 

10. تجنب المقالات الطويلة أو اقرأها من جهاز كمبيوتر أو لوحي (ما عدى مقالاتي طبعا:))

حسام عرمان 
10-5-2014

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، &q

الطنطورة

  الطفل: أبي الأب: نعم يا حبيبي! الطفل: أضمر في نفسي ولا أخبر أحدًا أحياناً ما يجول في خاطري في بعض الأمور الكبيرة! الأب: مثل ماذا يا عزيزي؟ الطفل: عذاب النار مثلاً الأب: أوووف، ما شاء الله عليك! فاجأتني! نعم أسال براحتك ولعلنا نفكر سوية في هذه الأمور الكبيرة، ماذا تريد أن تعرف عن عذاب النار؟ الطفل: أعتقد أنه عذاب صعب على الإنسان المسكين الأب: تعجبني صراحتك أحسنت، نعم صحيح إنه عذاب شديد أليم، ولأنك إنسان لطيف يا بني ربما لا تستطيع تخيل وجود أشرار في هذه الدنيا يستحقون مثل هذا العذاب!   الطفل: من هم هؤلاء الأشرار يا أبي! هل السارقين أشرار؟ وهل يستحقون هذا العذاب؟ الأب: بالنسبة للعذاب ومن يستحقه فهذا ليس شأننا يا بني، هذا شيء في الآخرة وربنا جل جلاله سيقرر من يستحق ولأي فترة؟ فهو العليم بكل التفاصيل وما حصل في حياة الناس الطفل: نعم صحيح لكنك لم تجبني ما طبيعة الأشرار الذين تعتقد أنهم يستحقون عذاب النار! الأب: أنت طفل ذكي وأعرف أنك لن تتركني حتى أجيبك مباشرة، لكني لن أفعل! أنت ما زلت إنسان طري ولطيف ولا أريد أن أشوه صورة الحياة أمامك لكن تخيل أن هناك أفراد تسببوا بقتل وتشريد وتعذيب الملاي

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان، لا فتور ولا كسل، صدق وأمل واخلاص وعمل.