التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قيمة الأعمال المنزلية


 

يستهين بعض الناس بقيمة الأعمال المنزلية التي عادة ما تتفضل بهن علينا أمهاتنا وزوجاتنا بكل حب ودون أي كلل أو ملل، وخصوصًا في رمضان حيث يكسل الرجال أكثر، وهذه ظاهرة علمية اكتشفناها أو بالأحرى اخترعناها نحن معشر الرجال وأقنعنا أنفسنا أننا نتعب أكثر في العمل بالخارج حتى ولو كانت زوجاتنا تعمل أيضًا مثلنا (عمل مكتبي مثلًا)، لكن نحن لسبب ما نتعب أكثر (يمكن ال DNA حقنا). 

تفاجأت بمعلومة مبهرة في هذا الخصوص وأنا أقرأ بالأمس في كتاب "عالم بدون عمل" A World without Work لاقتصادي جامعة اكسفورد دانييل ساسكند (سأكتب عنه لاحقًا، مع أني عارف مش رح كالعادة) وهي القيمة الاقتصادية لتلك المهام التي تشمل الأعمال المنزلية والعناية بالأطفال وما شابه، ففي بريطانيا مثلًا تم تقدير هذه القيمة ب ٨٠٠ مليار جنيه استرليني سنويًا، أي أربعة أضعاف قيمة قطاع التصنيع والانتاج في بريطانيا، هذا القطاع الذي يشكل أكثر  من ٩٪؜ من الدخل القومي، لكن طبعًا تلك المهام المنزلية غير معتبرة عند الاقتصاديين ولا تدخل في حساب الدخل القومي، وذلك ما قد يجعلها خفيفة على اللسان ولا تدخل في الحسبان، رغم أن قيمتها تتعدى القيمة الاقتصادية المذكورة بأكثر من كل المليارات لأن كل حركة وسكنة معجونة بحب وعطف وحنان، وهل يقارن فنجان قهوة بيتي مع أحسن واحد تجاري! وهل لقبلة أو لفتة من الأم لودها أو بنتها مثل عناية المربية! أما القيمة المعنوية لطبخة الفطور فلن تستطيع وصفها باللسان (هنا خلي المعدة تتكلم J )  

لذلك عزيزي الرجل (وليس الكاتب أوعى من القارئ)، قبّل تلك الأيادي "الثمينة" كلما قامت بعمل فنجان قهوة أو تألقت في طبخة أو غيرت لبنتك حفاظة (بلاش القبلة في الأخيرة). 

حفظ الله أمهاتكم ورحم أمهاتنا ووفق زوجاتنا وثقل ميزانهن بالحسنات، آمين 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسد الجريح

يهرول الأسد الجريح الى المجهول، تنطحه الحمير الوحشية، تسخر منه الغزلان، وتتذكر قصص شبابه الطيور وكيف كان زئيره يهز الصخور وتحترمه العقول وتهابه وحوش الغاب. شاخ وشاب في عالم مادي لا يرحم. اليوم لا بواكي له، تداعت عليه الأكلة ونهشت جسمه. تزداد هرولته بسرعة وخوفاً من المجهول، لقد جعله المنحدر أسرع رغم ضعفه ووهنه، سلّم للتعب واقترب من نهاية المنحدر حيث النسور تنتظره كمشروع جثة هامدة وعشاء ملوكي.         حاله ساء الضعيف فهو ناصر المظلومين وضابط الأخلاق ومقيم العدل، أصبح الهرج ملح الأيام في غيابه وتفككت البلاد وتنكر العباد. يزداد الكره والحسد والبغضاء وتسيل الدماء، في حين تتفجر الطاقات في الغوغاء، يتنطح الفاسدون ويتمختر المنافقون، يعوم على السطح الغثاء وتختفي الدرر في الأعماق.   لكن سنة الطبيعة أن تتغير وتتبدل، لا بد أن يطوف المرجان وتتفتح الأصداف. لا بد للأسد أن يزأر من جديد ما دام القلب ينبض بالحب، ستبعث الحياة وسينتشي الجسد من جديد فالفكر لا يموت ما دام في السطور والصدور. إنما نحتاج تطبيقاً عصرياً وابداعاً علمياً، تخطيط وتنظيم وإتقان،...

البكور : سر من أسرار النجاح

إذا كانت "افتح يا سمسم" كلمة السر لفتح كنز علي بابا ، فإن "السر" الذي سأذكره هنا ليس بمعناه الحرفي بل هو المفتاح الذهبي لأبواب الانجاز وتحقيق النتائج التي قد تتفوق على الاهداف أحياناً. إنه ببساطة "بركة البكور" ، البكور إلى العمل كموظف ، طالب ، تاجر ، كاتب ، ربة بيت ، أو حتى متقاعد. لن أسوق لكم أمثلة عالمية مثل تاتشروغيرها (أنظر المقالة هنا ) لكني سأخبركم عن تجربتي الشخصية المتواضعة إلى الآن ، أدام الله علينا وعليكم نعمة التوفيق في العمل والعائلة والمجتمع و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، (سامحوني الجملة المعترضة صارت خطبة جمعة :)  أستطيع ان أعزو جزء كبير من سبب تفوقي في المدرسة والجامعة والعمل الى اجتهادي و بدأ نشاطي اليومي مبكراً. لن أبالغ إن قلت أن الفعالية تكون ضعف الأوقات الأخرى ، وقد يختلف البعض في ساعة النشاط لهم كما يقولون ، لكني متأكد أنهم سيلاحظون فرقاً كبيراً إن جربوا ذلك بشرط أن يعيدوا برمجة أدمغتهم بحيث يتوقف حديث النفس بشكل سلبي مثل : " ما بعرف أشتغل الصبح " ، "بكون نعسان" ، "ما بعرف انام بدري" ، ...

سماء الضفدع

سأروي لكم قصة قصيرة تناولتها ثقافات عديدة أهمها وربما أصلها الصينية القديمة، إنها قصة ضفدع البئر لكني سأرويها لكم بصبغة عربية دون تحريف شديد إلا ما أجبرتني عليه خلجاتي وكلماتي فلغتنا العربية الجميلة تأبى إلا أن تجمّل المفردات.   عاش ضفدع طوال حياته في بئر سحيق كان يستمتع بحياته مستلقياً في القاع ينظر للسماء وزرقتها وجمال السحاب وهو يمر مشكلاً لوحات بيضاء سريعة وبطيئة مثل لحظات الحياة. كان هذا عالمه الذي تقوقع فيه وظن أن عيشته لوحده هي الأفضل والأمثل، حتى جاءت سلحفاة وأطلت عليه برأسها الصغير الذي غطى جزءاً كبيراً من الضوء من أعلى فلفتت انتباه الضفدع. قالت السلحفاة : "كيف أنت اليوم أيها الضفدع؟" رد عليها وقد نفخ أوداجه واخضر خضاره وقال: "أنا كما ترين أسبح في هذا الماء الراكد الساكن الهادئ أمتع ناظري في الموج الذي أفتعله على مزاجي وقدر حجمي وعندي من البيوت بعدد الحفر المنتشرة في جوانب البئر، أختبئ فيها من المطر وكلما ارتفع منسوب الماء اعتليت بيتا (حفرة) أعلى. طعامي كما تعلمين حشرات تائهة جذبها الماء الداكن ورائحته المعتقة، تعالي واستمتعي معي لأخبرك عن تجارب...